تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {قم الليل إلا قليلا}

صفحة 464 - الجزء 5

  واختلفوا ما الناسخ؟ فقيل: نسخ ذلك بالصلوات الخمس عن ابن كيسان، ومقاتل. وقيل: نسخ بقوله تعالى: {فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ} وقيل: نسخ بقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ}⁣[الإسراء: ٧٨].

  وعن الحسن، وابن سيرين: لا بد من قيام الليل ولو قدر حلبة شاة.

  قال في (الروضة والغدير): والإجماع يحجهم.

  وللمفسرين في قوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} أقوال:

  فقيل: التقدير قم نصف الليل إلا قليلا، فأبدل نصفا من الليل واستثنى القليل من النصف، وقدم المستثنى على المستثنى منه، وذلك شائع، قال الشاعر:

  وما لي إلا آل أحمد شيعة ... وما لي إلا مشعب الحق مشعب

  فأمر تعالى بقيام أقل من النصف، ثم خيره تعالى بين هذا الذي هو أقل من النصف وبين الزيادة على النصف، فلا يدخل النصف في القيام، ولا يكون في ذلك بيان هل النصف قليل أو كثير.

  وقيل: النصف بدل من {إِلَّا قَلِيلاً}، فكأنه تعالى قال: قم نصف الليل، ثم خير بين النقصان من هذا النصف وبين الزيادة عليه، فجعله مخير بين ثلاثة أمور وهي النصف، ودونه، وفوقه، وجعل النصف قليلا بالنظر إلى الكل [مجازا]، والنصف للمساوي حقيقة، وقد يطلق وإن زاد أو نقص، قال الشاعر:

  إذا مت كان الناس نصفان شامت ... وآخر مثن بالذي كنت أصنع

  وقيل: يجوز أن يكون الضمير إلى الأقل، إذا أبدلت النصف من الليل، فيكون الضمير في منه، وعليه راجعا إلى الأقل، فكأنه تعالى أمره أن يقوم أقل من النصف وهو الثلث مثلا، ثم خيره بين النقصان من هذا الثلث أو الزيادة عليه، فيكون مخيرا بين الثلاثة.