وقوله تعالى: {فاقرؤا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا}
  السرية، وأخذ الجمهور بحديث حبان أنه صلّى الله عليه كان يقرأ في صلاة الظهر، قيل له: فبأي شيء عرفتم قراءته؟ قال: باضطراب لحيته.
  الحكم الثالث: تكرر القراءة، فمذهب الهادي والمؤيد بالله وهو قول الحسن وداود أنها لا تكرر؛ لأن الأمر لا يتكرر، ومن أتى بالفاتحة وقرآن معها، فقد خرج عن عهدة الأمر.
  وقال الشافعي: تجب الفاتحة في كل ركعة. وقال أبو حنيفة، وزيد بن علي، والناصر: القراءة في الأولتين. وقال مالك: في الأكثر.
  حجة الشافعي أنه ÷ قال لمن علمه الصلاة: «ثم اقرأ ذلك في كل ركعة».
  قلنا: في الخبر ما يقتضي أن ذلك مستحب؛ لأنه ÷ قال: (فما نقصت من ذلك فإنما تنقصه من صلاتك).
  وقوله ÷: «في كل ركعة قراءة» أراد أنها محل للقراءة.
  وأما شبهة أبي حنيفة، والناصر، وزيد بن علي، في كونهم أوجبوا في الأولتين(١).
  وقوله تعالى: {فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً}[المزمل: ٢٠]
  هذا بيان وجه التخفيف، وله ثمرتان:
  الأولى: المباح والطاعة سواء في سبب الرخصة؛ لأنه تعالى جعل الجهاد والسفر للتجارة سواء.
  وقيل: إنما جعله كالجهاد؛ لأن كسب الحلال جهاد.
  وعن عبد الله بن مسعود ¥: أيما رجل جلب شيئا إلى مدينة من مدائن المسلمين صابرا محتسبا فباعه بسعر يومه كان عند الله من الشهداء.
(١) بياض في الأصلين قدر سطر.