قوله تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم}
  ويخرج من أهل بيت رسول الله ÷، والمشائخ، والصبيان؛ لأن من قل ذنبه رجي إجابة دعوته، وروي في الحديث عنه ÷: (إذا بلغ الرجل ثمانين سنة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) وروي أن موسى # خرج يستسقي فأوحى الله تعالى إليه: أن قل لبني إسرائيل:
  من كان له ذنب فليرجع، فنادى فيهم موسى بذلك، فرجع الناس كلهم، حتى لم يبق إلا رجل أعور، فقال له موسى #: أما سمعت النداء، فقال: بلى، فقال: أما لك ذنب؟ فقال: لا، نظرت بهذه العين مرة إلى امرأة فقلعتها، فدعا موسى #، وأمن الأعور على دعائه فسقوا» روى هذا في الانتصار.
  وقيل: {اللَّاعِنُونَ}: هم من يتأتى منه اللعن، وقيل: هم من آمن بالنبي ÷، وقيل: الملائكة، والمؤمنون، وقيل: كل شيء غير الجن، والأنس، عن ابن عباس، وعن ابن مسعود: «إذا تلاعن المتلاعنان، وقعت اللعنة على المستحق، فإن لم يكن مستحق رجعت على اليهود الذين كتموا ما أنزل الله».
  وعن ابن عباس: «أن لهم لعنتين، لعنة الله، ولعنة الخلائق، قال: وذلك إذا وضع في قبره فسئل ما دينك؟ ومن ربك؟ فيقول: ما أدري، فيضرب ضربة فيصيح صيحة يسمعها كل شيئ إلا الثقلين، ولا يسمع شيئ صوته إلا لعنه، وتقول له الملائكة: لا دريت(١)، كذلك كنت في الدنيا».
  قال الحاكم: وهكذا ما روي عن مجاهد يحمل على أن ذلك في الآخرة، فتكمل عقولهم حتى يلعنوهم، قال القاضي: أو أن الله تعالى يلهمهم اللعنة.
  الحكم الثالث: أن التوبة يشترط فيها لصحتها فعل الواجبات في
(١) في النيسابوري (لا تليت ولا دريت) (ح / ص).