تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {شاكر عليم}

صفحة 263 - الجزء 1

  المستقبل، وترك المعاصي؛ لأنه قد فسر قوله: {وَأَصْلَحُوا} بذلك، وقيل: أصلحوا من كانوا أفسدوه ممن لا علم له {وَبَيَّنُوا} يعني: أظهروا صفته ÷، وقيل: بينوا التوبة، وإصلاح السريرة، ليمحوا سمة الكفر عنهم.

  وهذا حكم رابع: أن إظهار التوبة واجبة؛ لزوال التهمة، فتجب إلى من عرف معصيته، ولو كانت التوبة من قول فاحش في الغير تاب إليه إن بلغه، فإن لم يبلغ تاب إلى من سمعه، ليزيل التهمة عن نفسه، وعن المشتوم، ولا يخبر المغتاب، فيكون جرحا لصدره، خلافا لما ذكره في الأذكار⁣(⁣١)، وفيه نظر.

  وفي صحة التوبة من ذنب مع إصراره على ذنب آخر خلاف، فالذي ذهب إليه واصل بن عطاء، والحسن البصري، وجعفر بن مبشر، وجعفر بن حرب⁣(⁣٢)، وأبو هاشم، وهو الذي روي عن علي #، والقاسم بن إبراهيم⁣(⁣٣) أن ذلك لا يصح؛ لأنه يلزم التوبة من القبيح لقبحه، وهو يشبه الإعتذار، وقد ثبت أن من قتل ولدين لغيره، أحدهما أكثر برا بأبيه فاعتذر من قتل الأبر لم يكن اعتذارا صحيحا، وكذا لو قال قائل: لا آكل هذا الطعام؛ لأنه مسموم، ثم علمنا أنه أكل طعاما آخر مسموما كان كاذبا.


(١) لأصحاب الشافعي. (ح / ص).

(٢) جعفر بن حرب الهمداني المعتزلي، من معتزلة بغداد، قال المتوكل على الله: هو من شيعة المعتزلة المفضلين لعلي #، قال السيد أبو طالب في الإفادة لما حج جعفر بن حرب دخل على القاسم #، فجاراه في دقيق الكلام ولطيفه، فلما خرج من عنده قال: أين يتاه بأصحابنا عن هذا الرجل، والله ما رأيت مثله، قال الإمام المهدي #: وله في كتب الكلام كتب كثيرة مثل كتاب الإيضاح، ونصيحة العامة وغيرهما، وفاة جعفر | سنة ٢٣٧ هـ.

(٣) وجعفر الصادق، ووالده محمد بن علي الباقر حكاه الإمام المهدي # واختاره.