قوله تعالى: {فذكر إن نفعت الذكرى}
  النزول: قيل نزلت في صدقة الفطر، وصلاة العيد، عن أبي العالية، وأبي سعيد الخدري، وابن عمر، وكان ابن عمر يقول لنافع يوم العيد: أخرجت صدقة الفطر؟ فإن قال نعم، خرج إلى المصلى، وإن قال لا قال أخرج، فإنما نزل قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} في هذا المعنى.
  وعن علي # أنه تصدق بصدقة الفطر، وقال: لا أبالي أن لا آخذ في كتابي غيرها، لقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} أي: أعطى زكاة الفطر، فتوجه إلى المصلى فصلى صلاة العيد، وذكر اسم ربه فكبر تكبيرة الافتتاح.
  وقيل: تزكى أي: تطهر من الشرك والمعاصي، أو تزكى بمعنى تطهر للصلاة، أو تكثر من التقوى من الزكاء الذي هو النمو، وإخراج الزكاة مثل تصدق من الصدقة.
  إن قيل: كيف يحمل على صدقة زكاة الفطر وصلاة العيد والسورة مكية ولم تكن في مكة زكاة فطر ولا صلاة عيد؟
  قال الحاكم: يحتمل أنها نزلت بمكة، وختم ذلك بالمدينة، أو أنها نزلت بالمدينة، كما قال الضحاك.
  وقال ابن عباس: إنها مكية، ولهذا ثمرات:
  الأولى: وجوب صدقة الفطر؛ لأنه قد فسر ذلك عدة من الصحابة.
  الثاني: لزوم صلاة العيد، وأنها فرض عين، وهذا رواية محمد بن القاسم عن أبيه، وحكاه الوافي عن القاسم، والهادي، وأبي العباس، وحكاية التقرير عن الأخوين، والمنصور بالله، ورواية عن الحنفية في (شرح الإبانة)، ويحتج بهذه الآية، وبقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} وأراد صلاة العيد، ونحر الأضحية على أحد التأويلات، والاستدلال بذلك محتمل على ما سيأتي، ورواية علي بن العباس عن القاسم وهو الذي رجحه أبو طالب، وأحد قولي الشافعي، والكرخي أنها فرض كفاية، كصلاة الجنازة.