تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون}

صفحة 269 - الجزء 1

  قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}⁣[البقرة: ١٧٢]

  دلت هذه الآية على أحكام:

  الأول: أن الأصل في المأكولات الإباحة، إلا ما قام عليه دليل الحظر، وقد اختلف الأصوليين في الأشياء المنتفع بها، قبل ورود الشرع بم يحكم العقل فيها في غير الأشياء الضرورية، فأما هي: فالحكم الإباحة، كالتنفس في الهواء، لئلا يلزم تكليف ما لا يطاق، وأما غير الضرورية فقال في المحصول⁣(⁣١): ذهبت البصرية من المعتزلة، وبعض الشافعية، والحنفية إلى إباحة المنتفع به كأكل الفاكهة ونحوه. قال أبو الحسين: لأن ذلك منفعة خالية عن أمارة المفسدة، لا مضرة فيه على المالك، فوجب القطع بحسنه، لأنه يحسن منا الاستظلال بحائط غيرنا، والنظر في مرآته، والتقاط ما تناثر من حب غلاته بغير أذنه إذا خلا عن أمارات المفسدة. قالوا: ولأن الله تعالى خلق الطعوم في الأجسام مع إمكان أن لا يخلقها، ولا بد أن يكون ذلك لحكمة وغرض، والغرض لا بد أن يرجع إلى الغير، ولا يكون إلا نفعا واستدل الأستاذ من أصحاب الشافعي أنه إذا ملك جواد بحرا لا ينزف⁣(⁣٢)، وأحب مملوكه تناول قطرة، فإنه لا يدرك تحريمه فكذلك الله تعالى الجواد لذاته⁣(⁣٣) المالك للأشياء.

  وقالت البغدادية من المعتزلة، وطائفة من الامامية، وابن أبي هريرة:


(١) للرازي.

(٢) بكسر الزاي، من باب ضرب يضرب (شمس العلوم، والمصباح). (ح / ص).

(٣) عندهم أنه جواد لذاته، فأما عندنا فهي صفة فعل، والجواد: فاعل الجود (ح / ص).