تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون}

صفحة 270 - الجزء 1

  إنها على الحظر، لأنه تصرف في ملك الغير، ويجوز أنه تعالى خلق ذلك ليصبر المكلف عن تناوله فيثاب.

  واختلف المفسرون في هذا الأمر فقيل: المراد به الإباحة، وإن كان صيغته الأمر؛ لأن المشتهى لا يدخل في التعبد⁣(⁣١)، ذكر ذلك القاضي، وقيل: هو أمر

  إيجاب بأكل الحلال وقت الحاجة دفعا للضرر عن النفس، واعترضه القاضي بأن الآية مطلقة، وهذا مفيد بحالة الإضطرار، والطيب: هو المستلذ المشتهى، وقيل: هو الحلال، وردّ بأن الرزق لا يكون إلا حلالا⁣(⁣٢)، فإذا حمل الطيب على الحلال كان ذلك تكرارا.

  الحكم الثاني: وجوب شكر الله تعالى.

  قال الحاكم: وذلك يكون بالقلب، واللسان، فأما أفعال الجواح كالعبادات، فقال أبو مسلم: إنه من الشكر، وقيل: هو مشبه بالشكر من حيث إنه يجب لمكان النعم العظيمة، فأما بالقلب، وهو الاعتراف، وترك الجحود له، فذلك واجب على كل حال، وأما باللسان فيجب ذلك عند التهمة.

  وقد اختلف الأصوليون: هل شكر المنعم يجب عقلا أم لا؟ فذهبت المعتزلة إلى وجوب ذلك، وذهبت الأشاعرة إلى أنه لا يجب، قال الحاكم: والشكر واجب على الكافر والفاسق⁣(⁣٣).


(١) يقال: بل قد يدخل المشتهى في التعبد، كما قالوا في النكاح، فإنه مشتهى، وقد دخلته الأحكام، كما لا يخفى فليتأمل. (ح / ص).

(٢) خلافا للمجبرة، فعندهم كلما ينتفع به، ولو حراما يسمى رزقا إذ هو مسماه في اللغة، قلنا: هو ما ينتفع به ولا تبعة عليه فيه. (ح / ص).

(٣) إذ هو عقلي.