تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم}

صفحة 280 - الجزء 1

  {وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ} لا عموم فيه، حتى يقال: دخل فيه الطهارة، مع أن المراد بالتكريم ما تميز به من بين الحيوانات من العقل والنطق والخط، وحسن الصورة، والقامة، وتدبير أمر المعاش، والمعاد، وبعثة الرسل، وغير ذلك. وقيل: بتسخير ما سخر لهم مما في الأرض.

  وعن ابن عباس: «بخلق الأصابع يأكلون بها».

  وروي أن الرشيد أحضر طعاما ودعا بملاعق، وعنده أبو يوسف، فقال له: جاء في تفسير جدك ابن عباس: {وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ} أي: جعل لهم أصابع يأكلون بها، فأحضرت الملاعق فردها، وأكل بأصابعه، وقوله تعالى: {وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً}⁣[الإسراء: ٧٠] قالت المعتزلة: أراد تعالى ما سوى الملائكة.

  والأشعرية لما قالوا: بفضل بني آدم على الملائكة تأولوا الآية بأنه أراد بالأكثر الجميع، فوضع موضع الكل، كقوله تعالى: {وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ}⁣[الشعراء: ٢٢٣] وفي ذلك تعسف.

  وأما التخصيص بالحديث فقد قيل: هو محتمل للتأويل؛ لأنه يحتمل أنه أراد نجاسة لا تطهر بالغسل كالكافر، وهذا يطهر بالغسل على قول⁣(⁣١)، وأما التخصيص بالقياس على الشهيد، فقياس من غير جامع؛ لأن علة طهارة الشهيد أن قتله في المعركة كغسله، وقد ذكر طهارة الشهيد في شرح القاضي زيد، وفي الانتصار، وقد تقدم كلام أهل التفسير في قوله تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ}⁣[البقرة: ١٥٤].

  تكميل لهذا الفرع وهو أن يقال: إذا غسل الميت المؤمن فهل يطهر بالغسل على قول من يقول بنجاسته أم لا؟ قلنا: مذهب القاسم #،


(١) وهو قول أبي يوسف، فلا ينجس الماء بوقوعه فيه بعد غسله، وأبو طالب قال: بعد الغسل يطهر حكما لأجل الصلاة عليه (غيث معنى).