تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}

صفحة 350 - الجزء 1

  وثمرة الآية: أنه يجوز السؤال عن ذات الباري وصفاته؛ لأنه تعالى لم يبين خطأ السائل، ولا أنكر عليه النبي ÷.

  وتدل الآية على الترغيب في الدعاء، قيل: من حيث إنه تعالى عقبه بذكر الصوم⁣(⁣١)، فيحسن في حق الصائم. وقد ورد» أن دعوته لا ترد».

  قال أبو علي: وإنما يستجيب تعالى للمؤمنين دون الفاسقين؛ لأنه كالمدح، يقال: فلان مجاب الدعوة.

  قال الحاكم: وللدعاء شروط؛ لأجل الإجابة، وهي معرفة الداعي لربه، ليصح أن يوجه إليه الدعاء، ومعرفة حسن ما يدعو، ومما لا يحسن من ذلك، ومعرفة حسن الوجه الذي يحسن معه الطلب والدعاء، فإذا علم تعالى أن الإجابة مصلحة أجاب. وإن علم أن المصلحة التأخير أخر، ولا تقف المصلحة على اختيار العباد، والفائدة به التعبد، أو أن المصلحة تكون مشروطة بالدعاء

  وقد روي عن إبراهيم بن أدهم⁣(⁣٢) | أنه قيل له: ما بالنا ندعو الله فلا يجاب لنا؟ قال: لأنكم عرفتم الله فلم تطيعوه، وعرفتم الرسول فلم تتبعوا سنته، وعرفتم القرآن فلم تعملوا به، وأكلتم نعم الله تعالى فلم تشكروه، وعرفتم الجنة فلم تطلبوها، وعرفتم النار فلم تهربوا منها، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ولم تخالفوه، وعرفتم الموت فلم تستعدوا له، ودفنتم الأموات فلم تعتبروا بها، وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس».


(١) أي: جعله عاقبا لذكر الصوم، وتابعا له.

(٢) إبراهيم بن أدهم: هو إبراهيم بن أدهم بن منصور التميمي، البلخي، أبو إسحاق، زاهد مشهور، كان أبوه من أهل الغنى في بلخ، أخذ عن كثير من العلماء، مات سنة ١٦١ هـ ح / س