وقوله تعالى: {هن لباس لكم}
  وأما قوله تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ}.
  فقد دل على أحكام:
  الأول: النهي عن المباشرة مع الاعتكاف، والنهي يقتضي الفساد.
  لكن ما هذه المباشرة المفسدة؟ فقال الأكثر: إنها الجماع، لما تقدم من قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَ} فإن باشر بدون الجماع نظر، فإن كان لا لشهوة جاز ذلك، ولم يبطل اعتكافه؛ لأنه كان ÷ يدلي رأسه إلى عائشة فترجله وهو معتكف.
  وإن كانت المباشرة لشهوة كالتقبيل، واللمس ونحوه ففي ذلك ثلاثة أقوال للعلماء
  قول مالك، وأحد قولي الشافعي: إن ذلك مفسد، سواء أمنى أم لا.
  الثاني: أن ذلك غير مفسد، أمنى أم لا، وهذا أحد قولي الشافعي.
  والقول الثالث: مذهبنا، وأبي حنيفة، والمروزي(١) عن أصحاب الشافعي: إن أمنى بالمباشرة في غير الفرج بطل اعتكافه، وإلا فلا، وهذا قول الناصر
  وسبب الإختلاف: أن لفظة المباشرة مشتركة بين التقبيل واللمس، ونحو ذلك، وتخصيصها بالجماع مجاز، وهذه مسألة أصولية، إذا دارت اللفظة بين المجاز والإشتراك، هل تحمل على المجاز، أو على الاشتراك
(١) إبراهيم بن أحمد بن إسحاق المروزي، أخذ الفقه عن ابن سريج، وصنف، وشرح مختصر المزني، وتفقه عليه خلق ببغداد، وارتحل إلى مصر، وبها توفي في رجب سنة ٦٤٠ هـ وقبره قريب من قبر الشافعي.