وقوله تعالى: {فتاب عليكم}
  ؟ في ذلك خلاف بين الأصوليين: رجح ابن الحاجب، والرازي: الحمل على المجاز(١).
  وأما إذا كانت اللفظة مشتركة بين معنيين، لا تنافي بينهما، هل يحمل على أحد المعنيين فقط، أو على كلا المعنيين، فقال أبو علي، والقاضي، وأبو الحسين: إنه يجوز أن يراد باللفظة المشتركة كلا معنييها، ويحمل على ذلك، مع تجرد اللفظ عن القرائن، وقال أبو هاشم، وأبو عبد الله: لا يجوز أن يراد بها كلا معنييها.
  ففي مسألتنا هذه إن حملنا المباشرة على المعاني دخل الوطء، واللمس والتقبيل، وكان القول ما قاله مالك، إلا أن هذا إذا تجرد عن القرينة، وفي مسألتنا تقدمت قرينة أن المراد بالمباشرة هي: المباشرة التي تقدم ذكرها في حق الصائم، وهي الجماع.
  وإن قلنا: لا يراد جميع المعاني، حمل على أحدها، وليس ذلك إلا الوطء
  ثم إنه إذا باشر في غير الفرج فأنزل، ففي أحد أقوال الشافعي: لا يبطل اعتكافه؛ لأنه ليس بجماع، وقد حملت المباشرة على الجماع.
  قال في شرح الإبانة: هو في معنى الجماع، وما قاله الشافعي في هذا القول مخالف للإجماع.
  وإذا قلنا: إنه ممنوع عن المباشرة المذكورة، فالأكثر من العلماء: أن ذلك لأجل الاعتكاف لا لأجل المسجد، وهذا إجماع، ولم يحك الخلاف إلا عن ابن لبانة، فإنه روى عنه صاحب النهاية: أن الاعتكاف لا
(١) واختاره الإمام المهدي في المعيار. قيل: لغلبته، وقيل: بل الاشتراك؛ لأنه حقيقة، الإمام: يوكل إلى نظر الفقيه. (فصول وهامشه) (ح / ص).