قوله تعالى: {تلك حدود الله فلا تقربوها}
  وعن ابن مسعود: لا يصح إلا في المسجد الحرام.
  وعن حذيفة: لا يصح إلا في المسجد الحرام، أو مسجد النبي ÷، ومسجد بيت المقدس.
  وقال الزهري، والأوزاعي(١): لا يصح إلا في الجوامع. وللشافعي قول: إنه لا يعتكف يوم الجمعة إلا في مسجد الجمعة، وهذه رواية ابن عبد الحكم عن مالك، والمشهور له كقول الأكثر، ويجعل القياس الذي يتوهم مخصصا للعموم، فيقول: لئلا تنقطع الجمعة، فلذلك خص مسجدها.
  ومن قصر على الثلاثة، قال: لتشابه مسجد اعتكافه ÷ من حيث إنه تشد إليها المطي لشرفها، وقراءة مجاهد، وهي شاذة (وأنتم عاكفون في المسجد).
  قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها} قيل: المراد فلا تأتوها.
  وقيل: المراد أن من كان في طاعة الله تعالى، والعمل بشرائعه، فهو متصرف في حيز الحق، فإن تعداه خرج إلى حيز الباطل وقد قال تعالى: {فَلا تَعْتَدُوها}[البقرة: ٢٢٩] وقال: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ}[البقرة: ٢٢٩] وقال هنا: {فَلا تَقْرَبُوها} مبالغة في التباعد، وأن يكون بعيدا عن الطرف فضلا عن أن يتعداه، وهذا كما ورد عنه ÷: «إن لكل ملك حمى، وحمى الله
(١) الأوزاعي هو: عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، أبو عمرو، سكن دمشق، ثم تحول الى بيروت فسكنها مرابطا إلى أن مات، وهو ركن من أركان الحديث، وعلم من أعلام الدين، روى عن الباقر، ونافع، والزهري، وقتادة، وآخرين، وروى عنه الثوري، ومالك، وأمم، ولد سنة ٨٨ هـ، قال ابن سعد: كان ثقة مأمونا، كثير الحديث، وقال ابن معين: ثقة، أفتى الأوزاعي في سبعين ألف مسألة، توفي سنة ١٥٧ هـ بدمشق، روى له الجماعة، وأئمتنا الخمسة.