وقوله تعالى: {فتاب عليكم}
  لا يخرج لتجديد الطهارة؛ لأنه ÷ لم يخرج لغسل رأسه(١)، وأنه يجوز نصب المائدة في المسجد؛ لأن ذلك أصون؛ ويجوز غسل اليد في الطست(٢).
  قال في الانتصار: وحكى الغزالي عن الشافعي: أنه لو خرج لقضاء حاجة، فجامع حالة خروجه لقضاء الحاجة لم يفسد اعتكافه.
  الحكم الثاني: أن الرجال والنساء سواء في اشتراط المسجد؛ لأن الآية لم تفصل، وهذا هو مذهبنا والشافعي، ومالك.
  قال في النهاية: ولا تعتكف في المسجد إلا مع زوجها، كالسفر، وعند الناصر، وأبي حنيفة، وقول للشافعي: إن المرأة تعتكف في مسجد بيتها؛ لأن في صحيح البخاري: أن حفصة، وزينب لما ضربتا لهما خبائين في المسجد فقال ÷: «البرّ ترون»(٣) وفي رواية مسلم: «البرّ تردن» وأمر بخبائه فقوّض، وترك الاعتكاف، وقياسا على الصلاة، وقد ورد عنه ÷: «صلاة المرأة في بيتها خير لها من صلاتها في المسجد» فيكون هذا مخصصا لعموم الآية.
  الحكم الثالث: أن المساجد جميعها يصح فيها الاعتكاف، لعموم قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ} وهذا مذهب عامة العلماء من أهل البيت $، وأبي حنيفة، وأصحابه، والشافعي.
(١) لعله على أصل من يقول: المباشرة من المرأة للرجل لا تنقض الوضوء، ويصلح أن يكون ذلك حجة لنا عليهم إذ لم يخرج للطهارة. (ح / ص). وهو ÷ لا يكاد يفارقها في غالب حالته غير النوم ونحوه
(٢) بالسين المهملة فقط، وهو طست فقط، (مصباح، وشمس العلوم) (ح / ص).
(٣) أي: تظنون. ومعنى (قوّض) أي: رفع وأزيل. إن قيل: لم يذكر صحة اعتكافهن في غير المسجد، ويمكن أن يقال: إنه إنما نهاهن عن الاعتكاف لما يحصل به من الإطلاع عليهم، فترك البر أفضل، بل واجب فينظر (ح / ص).