تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم}

صفحة 384 - الجزء 1

  أجابوك إليها فاقبل منهم، وكف عنهم. ادعهم إلى الدخول في الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار الهجرة، فإن فعلوا فأخبرهم أن لهم ما للمهاجرين، وعليهم ما عليهم، فإن دخلوا في الإسلام، وأبوا أن يتحولوا إلى دار الهجرة، فأخبرهم أنهم كأعراب المؤمنين، يجري علهم حكم الله، ولا يكون لهم في الفيئ والغنيمة شيء حتى يجاهدوا مع المؤمنين، فإن فعلوا فاقبل منهم، وكف عنهم، فإن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية، فإن فعلوا فاقبل منهم، وكف عنهم، فإن أبوا فاستعن بالله عليهم، ثم قاتلهم» فهذا مخصص بعموم قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}⁣[التوبة: ٥] وقوله تعالى: {وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} وقوله ÷: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله» الخبر.

  إن قيل: إن آية براءة نزلت عام الفتح، وهي عامة، وأمره ÷ لأمراء السرايا قبل الفتح، بدليل أنه أمر بدعائهم إلى الهجرة.

  قلنا: هذه المسألة، وهي بناء العام على الخاص، مع تقدم الخاص خلافية بين الأصوليين، فمنهم من يقول: ببناء العام على الخاص؛ لأن الخاص غير محتمل، فهذا القول يصح بناؤه على هذه القاعدة.

  ومنهم من يقول: إن العام ناسخ للخاص، وهذا قول أصحاب أبي حنيفة، والقاضي، والسيد أبي طالب.

  وأما ترتيب ما صححه السادة للمذهب، وهو قول أبي حنيفة، فيقولون: خرج أهل الكتاب من عموم الآيتين والخبر بآية براءة، وخرج كفار العجم، لقوله ÷ لقريش»⁣(⁣١) هل لكم في كلمة إذا قلتموها دانت لكم العرب، وأدت إليكم العجم الجزية» فعم العجم بإيجاب الجزية


(١) في النسخة ب (لكفار قريش).