وقوله تعالى: {فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين}
  ونظّر على الزمخشري بأنه لم يكن قتال، لكن منع. وأجيب: بأنه قد وقع بينهم ترام، مع أنه يجوز تسمية العزم على القتال مع الصد قتالا.
  وقال الحسن وأبو علي، والزجاج: إن مشركي قريش قالوا: يا محمد أنهيت عن قتالنا في الشهر الحرام؟ قال: نعم، وأرادوا قتاله، فأنزل الله تعالى الآية، يعني استحلوا منهم ما استحلوا منكم.
  وقيل: لما صد ÷ عن العمرة عام الحديبية سنة ست في ذي القعدة، وصالح أن يعود للقضاء في سنة سبع.
  والمعنى: إن فاتت العمرة في الشهر الحرام في سنة ست، فالقضاء لها في مثله سنة سبع، وسميت حرما لتحريم القتال فيها، وسميت ذا القعدة، للقعود عن الحرب.
  والتقدير على الأول: قتال الشهر بقتال الشهر.
  وللآية ثمرات: الأولى: أنه يجوز قتال الكفار في الشهر الحرام إذا قاتلونا فيه، لكن اختلف العلماء هل المنع من ابتداء قتالهم فيه باق أو منسوخ؟ قول العترة: إنه منسوخ، وإنه يجوز ابتداؤهم بالقتال فيه، وهو قول أبي علي، والقاضي، وسيأتي زيادة إن شاء الله تعالى.
  والناسخ قوله تعالى في سورة براءة: {وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً}[التوبة: ٣٦].
  قال الحاكم: الصحيح أنه لا نسخ؛ لأنه أراد بجواز(١) قتالهم حيث كانوا قد بدأونا كما تقدم، فهذا حكم.
  الحكم الثاني: ثبوت القصاص في النفس، وفي الأعضاء، فاستدل من جوز القصاص بين الحر والعبد، والمسلم والكافر والذمي بهذه الآية، والاستدلال مستدرك عليه؛ لأنه لا تماثل بينهما(٢)، وكذا بين الذكر والأنثى.
(١) في نسخة (يجوز قتالهم)
(٢) في ب (واستدل) ... (لأنه لا مماثلة بينهما).