قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله}
  سَبِيلاً}[آل عمران: ٩٧] لا من هذه الآية؛ لأن من دخل في تطوع الحج والعمرة لزمه إتمامه.
  واستدل القاسم # بقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} قال: فلم يوجب الحج إلا مرة، يريد: أنها لو وجبت العمرة، وجب الحج مرتين.
  وهو لا يجب إلا مرة، والعمرة حج، لقوله ÷ «العمرة الحج الأصغر».
  دليل آخر: وهو ما رواه زيد بن علي # عن أبيه عن جده، عن علي # قال: قيل: يا رسول الله العمرة واجبة مثل الحج؟ قال: لا، ولكن لأن تعتمر خير لك» وهكذا في حديث جابر، وفي حديث طلحة بن عبيد الله(١)، وابن عباس عن النبي ÷ أنه قال: الحج جهاد، والعمرة تطوع.
(١) طلحة بن عبيد الله، القرشي، من السابقين الأولين، كان ثامنا في الإسلام، وأخوه من المهاجرين الزبير، ومن الأنصار أبو أيوب، وكعب بن مالك، شهد المشاهد كلها إلا بدرا، كان في تجارة، وأبلى يوم أحد بلاء عظيما، ووقع فيه بضع وسبعون ما بين ضربة ورمية، وطعنة، وقال له النبي ÷ ذلك اليوم: (أوجب طلحة) وكان من الأجواد، وسمع أمير المؤمنين رجلا ينشد:
فتى كان يدنيه الغنى عن صديقه ... إذا هو استغنى ويبعده الفقر
فقال #: ذلك طلحة، ولما قتل عثمان وبويع أمير المؤمنين # بايعه طلحة والزبير، ثم نفث الشيطان في قلبيهما، فخرجا عن المدينة ناكثين، فلقيا عائشة، فأخذاها وساروا إلى البصرة وعاثوا فيها، فخرج أمير المؤمنين ودعاهم إلى الصلح فأجابوا، واتعدوا إلى الغد، وكان قتلة عثمان كارهين للصلح، فباكروهم الحرب، فقال الزبير: ما هذا فقالوا: لم ندر إلا وقد شرعوا في قتالنا، ولم أن أولئك السبب إلا بعد الوقعة، ثم دعا أمير المؤمنين الزبير، فذكره الحديث فاعتزل القتال تائبا، ورمى طلحة في المعركة، وقد تاب، وبايع أصحاب أمير المؤمنين، ذكر ذلك المنصور بالله في الشافي وغيره، وفي الرياض: دعاه علي #، وذكر سوابقه فاعتزل =