قوله تعالى: {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك}
  على أنه يعتبر في ذلك مكان، وقد صححه الثعالبي، وهو قول مالك؛ لأن الآية لم تخص مكانا دون مكان. وقال أبو حنيفة، وذلك ظاهر المذهب: تعلق بالحرم لأن دماء الحج لها تعلق به من غير الفدية، فكذلك الفدية من الصدقة والنسك أما الصوم فلا خلاف أنه يصوم في أي مكان شاء.
  الحكم السابع
  أن الفدية واجبة على التخيير، لكن إن كان مضطرا بأن يفعل ذلك لحاجة من مرض ونحوه، فذلك بنص الآية.
  وأما إذا كان متمردا بأن فعل ذلك لغير ضرورة، فهذه مسألة خلاف بين العلماء، فالذي حصله أبو جعفر للناصر، ورواه عن الهادي، وأبي حنيفة، واختاره الإمام يحي #: أن الدم يتعين ولا تخيير؛ لأن الآية دلت على التخيير في المعذور، فمفهومها عدم التخيير في غيره، وعند الشافعي، وهو ظاهر المذهب: أن التخيير عام؛ لأن في الحلق إتلافا، فلا يختلف المعذور وغيره، كقتل الصيد، وإذا ثبت ذلك في الحلق ثبت في غيره؛ إذ لا فارق.
  وردّ بأن إثبات الكفارة بالقياس لا يصح(١).
  الحكم الثامن
  إذا فعل القارن شيئا من محظورات الإحرام فعليه فديتان، نص على ذلك يحي # في الجامعين، وهو قول زيد بن علي، وأبي حنيفة؛ لأن النقص داخل على الإحرامين معا.
(١) لا وجه للرد؛ لأن الكفارة ثابتة بغير القياس، وإنما هو للتخيير، مع أن الذي اختير في الأصول صحة القياس في الكفارات والحدود، وقد صرح بذلك في الفصول (ح / ص) ويمكن أن يقال: الثابت صفة لا حكم، فيسقط ما يورد عليه من الاعتراض. (ح / ص).