وقوله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله}
  الشافعي: أن الحاضر في اللغة هو القريب، ولا يكون قريبا إلا في مسافة لا يقصر فيها، وهو يقال: من كان بذي الحليفة فليس بحاضر مكة لغة ولا عرفا.
  وقوله تعالى: {ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ} الأهل: أخص من يكون بالإنسان، والتأهل: التزوج، ففي ذكر الأهل إشارة إلى قول المنصور بالله في أن الإنسان يكون مستوطنا بالتزوج.
  تكملة لهذه الجملة
  اعلم أنه قد يذكر للتمتع شروط مستخرجة من الآية الكريمة:
  الأول: أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام، وقد تقدم.
  الثاني: أن تكون العمرة في أشهر الحج، ولكن اختلف العلماء في تفصيل هذا الشرط، فقال أهل المذهب وعطاء، والثوري، وأحد قولي الشافعي: لا بد أن يكون الإحرام بالعمرة في أشهر الحج.
  وقال أبو حنيفة: يجب أن يكون أكثر أعمالها في أشهر الحج.
  وأحد قولي الشافعي: يجب أن يكون الفراغ منها في أشهر الحج.
  وقال مالك: إذا كان باقيا على إحرام العمرة في أشهر الحج.
  ومنشأ هذا الخلاف: أنه قد تظاهر النقل أن قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ} الآية نزل ذلك ردا على المشركين في نهيهم عن العمرة في أشهر الحج، وكانوا يقولون: إن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، فنزلت الآية ردا عليهم، فيجب أن يكون فيها مقدر كالمنطوق به، تقديره: فمن تمتع بالعمرة في أشهر الحج. والإحرام هو الذي تنعقد به العمرة، وأبو حنيفة يقول: إذا كان أكثر أفعالها في أشهر الحج، فالأكثر كالجميع.
  وفي مهذب الشافعي قولان: إذا أحرم في غير أشهر الحج، وأتى بأعمالها في أشهر الحج.