قوله تعالى: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤف بالعباد}
  وقد ذكره في المحيط، أعني أنه لا يحسن بذل النفس في النهي عن المنكر، إلا أن يكون في ذلك إعزاز للدين.
  وقيل: يجوز في الجهاد بذل النفس، وأما في النهي والأمر فيشترط أن يكون في قتله إعزاز للدين.
  وأما حسن بذل النفس لمن أكره على النطق بكلمة الكفر فجائز لهذه الآية الكريمة، وقد عد ذلك ثناء فيما كان من آسية بنت مزاحم(١) امرأة فرعون، وبما كان من سحرة فرعون واستسلامهم للعذاب، وأما ترك التسليم والنطق بكلمة الكفر تقية فجائز لحديث عمار(٢)، ولقوله تعالى في سورة النحل {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ}[النحل: ١٠٦].
  قيل: وذكر قاضي القضاة، ومحمد بن الحسن، وأبو مضر للمؤيد بالله: أنما أبيح للضرورة كأكل الميتة، وشرب الخمر، يجب فعله ولا يسلم نفسه.
  ويأتي مثل هذا إذا أكره على الفطر في رمضان فإنه يفطر، ولا يحسن تحمل ما يناله من القتل، وقطع أوصاله، كأكل الميتة خلاف ما ذكره بعض المفرعين أنه يحسن عند المؤيد بالله، لا عند الهادي، إلا أن يكون في ذلك إعزاز للدين.
  ودل كلام المفسرين في سبب نزولها في علي # أنه يجوز بذل
(١) آسية بنت مزاحم بن مصعب، ابنة عم موسى بن عمران بن مصعب بن قاهث بن لاوى بن يعقوب.
(٢) رواه في الكشاف ٢/ ٤٣٠ قال: (وأما عمار فقد أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها، فقيل: يا رسول الله إن عمارا قد كفر؟ فقال: كلا، إن عمارا ملء إيمانا من قرنه إلى قدمه، واختلط الإيمان بلحمه ودمه، فأتى عمار رسول الله ÷ وهو يبكي، فجعل النبي ÷ يمسح عينينه، وقال: مالك؟ إن عادوا لك فعد لهم بما قلت. انظر الكافي الشافي حاشية الكشاف.