تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {فأولئك حبطت أعمالهم}

صفحة 476 - الجزء 1

  تعالى في سورة التوبة: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}⁣[التوبة: ٥] وأما في الحرم فقد تقدم أن من بدأنا بالقتال فيه جاز قتاله، ومن لم يبدأ فالخلاف المتقدم.

  الحكم الثاني: مأخوذ من المفهوم أن للوقت والمكان تأثيرا في كبر المعصية.

  قال الحاكم: ولذلك قلنا: إن الزنى في المسجد أعظم، وربما يبلغ الكفر إذا قارنه الاستخفاف بالدين.

  وقد قال المؤيد بالله، والإمام يحي # والحنفية: إن قتال البغاة أفضل من قتال الكفار؛ لأنهم عصوا في دار رب العالمين، والكفار في دار الحرب، فأشبه ذلك المعصية في المسجد، والمعصية خارج المسجد، وهذا يستقيم مع اتحاد صورة المعصية، أما لو اختلف كالتقبيل في المسجد، والزنا خارج المسجد ونحو ذلك لم تزد معصية المسجد، ومعصية الكفر أبلغ من معصية الفسق⁣(⁣١).

  الحكم الثالث: يتعلق بقوله تعالى: {فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ} وله دلالة منطوقة، ودلالة مفهومة.

  فالمنطوقة أن من مات على ردته حبط عمله، ولا إشكال في ذلك. وأما لو تاب ومات مسلما، فالمفهوم أن العمل لا يحبط.

  فإن فسر الإحباط ببطلان الثواب فهذا يطابق قول الناصر #: إن الثواب الذي أحبطته الكبيرة يعود بالتوبة⁣(⁣٢).


(١) يقال: هذا جلي إن قوتلوا لأجل ارتكاب المعصية، وأما لو كان قتالهم لأجل قتالهم المحقين وبغيهم عليهم، فلا يبعد أن مضرة الباغي المتوسط لبلاد الإسلام أضر من قتال الكافر البارح عنها.

(٢) أي: الاستحقاق، وهو المقرر عند الأصوليين، غير الكفر، وأما فيه فتصير الطاعة كلا طاعة.