وقوله تعالى: {فأولئك حبطت أعمالهم}
  ومن قال: لا يعود الثواب بالتوبة. يقول: المحبط المعصية، وقد حصلت، ويقول: ذكر الله تعالى الموت لأجل دخول النار والخلود فيها.
  وإن فسر الإحباط بأن المراد منه أنه يصيّر العمل كلا عمل، فذلك ظاهر مع الموت على الردة، فلا يستحق ثواب صلاة ولا صوم، ولا حج، ولا شيء من الطاعات، وهل يعاقب لأجل الحج وإن فعله، وكذا الصلاة ونحوها.
  (قال سيدنا)(١): ولعله يقال: إن مات بعد الردة ولم يتمكن من الحج لم يعاقب، وإن تمكن، وقلنا: الحج في حقه على الفور عوقب، وإن قلنا: إنه على التراخي لم يعاقب. وأما إذا تاب ووقت الحج باق، وهو مدة الحياة، وكذا إذا تاب في وقت الصلاة، وكان قد فعلها ثم ارتد، وكذا إذا أخرج الفطرة يوم الفطر ثم ارتد، ثم تاب، أو ضحّى في وقت الضحية ثم ارتد، ثم تاب، فعند المؤيد بالله، وأبي حنيفة، وتخريج القاضي زيد للهادي #: أنه يجب إعادة الحج؛ لأن الردة قد أحبطت العمل فصيرته كأن لم يكن.
  وعند الشافعي، وخرجه أبو طالب للقاسم #: أنه لا يجب إعادة الحج ونحوه؛ لأن المحبط هو الموت على الردة، وأجيب بأن نفس الموت لا تأثير للعبد فيه، فلا يكون محبطا، وإنما ذكر لأجل دخول النار، وقد قال تعالى في سورة الزمر: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}[الزمر: ٦٥] ولم يقيده بالموت، وإحباط العمل إنما هو إبطال حكمه وثوابه؛ لأن الأعمال قد عدمت.
  إن قيل: تفسير الإحباط - هل هو بطلان الإجزاء، أو بطلان الثواب؟
(١) سيدنا هو: المصنف القاضي العلامة يوسف بن أحمد بن محمد بن عثمان |.