تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما}

صفحة 481 - الجزء 1

  والعتاب. والتحريم مجمع عليه، وهو معلوم من الدين ضرورة، فمستحلها يكفر، وشاربها غير مستحل يفسق، والظاهر أن آية البقرة قاضية بالتحريم؛ لأنه جعل فيها إثم كبير، وهذا قول الحسن، والقاضي.

  وقال قتادة وأبو علي: إنما حرمت بآية المائدة، وحرم السكر بقوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى}⁣[النساء: ٤٣](⁣١) وإنما توقف من توقف من الصحابة بعد نزول آية البقرة لنزول ما هو آكد، والنفع هو الالتذاذ بشرب الخمر، والقمار، وسلب الأموال به، والتوصل بهما إلى مصادقة الفساق، والنيل من مطاعمهم.

  وتفسير الخمر: أنه الشراب المتخذ من عصير العنب إذا غلا واشتد، ورمى بالزبد، فهذا هو الذي يحرم بالإجماع، وهو المعلوم تحريمه ضرورة، الذي يكفر مستحله، ويفسق شاربه. قيل: وكذا من عصير الرطب، ويسمى ما يكون من البسر الفضيخ⁣(⁣٢)، وبقي الكلام في صور أخر.

  الأولى: نقيع الزبيب والتمر إذا غليا واشتدا، فالأكثر على تحريمهما، لكن هل لكونهما خمرا؛ لأنهما يخامران العقل، أو لدليل يخصهما، فمن أثبت القياس في اللغة قال: هما داخلان في اسم الخمر؛ لأنه سمي بهذا الاسم لمخامرته للعقل وتغطيته له، وقال الأكثر: لا يصح


(١) في أخذ تحريم السكر من هذه الآية خفاء؛ لأنه نهي عن قرب الصلاة في هذه الحالة، فيحقق، وقد يقال: بل يؤخذ التحريم منها؛ لأنه مثل قوله: لا تمت وأنت ظالم، فإنه نهي عن الظلم، وهذا نهي عن السكر، وعن فعل الصلاة أيضا، والله أعلم. (ح / ص).

(٢) الفضيخ: هو بمعنى المفضوخ، أي: المكسور والمشدوخ من البر والتمر، قال الحربي: الفضيخ: أن يفضخ البر، ويصب عليه الماء ويتركه حتى يغلي، وقال أبو عبيد: هو ما فضخ من البر من غير أن تمسه نار، فإن كان معه تمر فهو خليط. ح / ص.