وقوله تعالى: {فإذا تطهرن}
  قال في الثعلبي: قالت عائشة: كان رسول الله ÷ يدعوني آكل معه وأنا عارك» والعارك: الحائض. قالت الخنساء:
  لن تغسلوا أبدا عارا أظلكم ... غسل العوارك حيضا بعد أطهار
  وكان ÷ يعترق(١)، فيضع فمه في الموضع الذي وضعت فمها عليه، وهي حائض، وكذا في الشرب.
  الحكم الثاني: في جواز إتيانهن بعد انقطاع الدم، وغاية التحريم(٢).
  فقال أكثر العلماء من الأئمة $ والفقهاء: لا يجوز وطؤها حتى ينقضي الحيض، وتغتسل إن وجدت الماء، أو تيمم إن لم تجد، وأخذوا ذلك من قوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} لأن إحدى القراءتين (يطّهّرن) بفتح الطاء والهاء والتشديد، وذلك لا يحتمل إلا الإغتسال.
  وقوله تعالى: {فَإِذا تَطَهَّرْنَ} معناه: اغتسلن، ذكره تعالى لفائدة، وهو بيان الاتيان لهن، فلا يقال: إنه تكرار لغير فائدة.
  والقراءة الثانية: (حتى يطْهرن) بسكون الطاء، وضم الهاء إن فسر بانقطاع الدم فهو غاية التحريم، لكن له شرط آخر، وهو التطهر لقوله تعالى: {فَإِذا تَطَهَّرْنَ} وقد يقال: قد تضمنت الآية نهيا، وغاية، وشرطا، وإباحة.
  ونظير هذا قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا}[البقرة: ٢٣٠] فقد تضمن تحريما، وغاية، وشرطا، وإباحة.
(١) الاعتراق: أكل ما على العظم من اللحم. (صحاح). (ح / ص).
(٢) المأخوذة من قوله تعالى: {حَتَّى يَطْهُرْنَ}.