تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين}

صفحة 501 - الجزء 1

  قال في الثعالبي: وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ÷ «من وطئ امرأة وهي حائض فقضي بينهما ولد فأصابه جذام فلا يلومن إلا نفسه، ومن احتجم يوم السبت أو يوم الأربعاء فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه».

  فأما الكفارة فغير واجبة على رأي الأئمة $، وأكثر الفقهاء، وذلك مروي عن علي #، وما روي من التصدق على من أتى حائضا، فهو محمول على أنه مستحب؛ لأن الأخبار اختلفت، ففي بعضها يتصدق بدينار، أو نصف دينار، وفي بعضها إذا أصابها في أول الدم فدينار، وإن أصابها في انقطاع الدم فنصف، وفي بعضها «أنه ÷ أمر أن يتصدق بخمسي دينار، روى ذلك أبو داود، وقديم قولي الشافعي، وأحمد: أنها واجبة، وهو مروي عن ابن عباس.

  وأما الاستمتاع منها في غير الفرج، ففوق الإزار جائز وفاقا، ودون الإزار في غير الفرج منعه أبو حنيفة، وأبو يوسف، وأحد قولي الشافعي، لما روي أن رجلا قال لرسول الله ÷: «ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: لتشد عليها إزارها ثم شأنك بأعلاها» ولأن قوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ} عام إلا ما خرج بدليل.

  وقيل: إنه من باب العام الذي أريد به الخاص بدليل قوله تعالى: {قُلْ هُوَ أَذىً} والأذى إنما يكون في موضع الدم، وقولنا: إن قوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ} عام مبني على أن الفعل المتعدي عام بالإضافة إلى متعلقاته عند الأكثر، خلاف لأبي حنيفة، فلا يستقيم هذا، وقال أكثر الأئمة $، والفقهاء: يجوز⁣(⁣١) وعن عائشة: يجتنب منها شعار الدم، وكره القاسم # قربها خشية الوقوع في المحظور، أما مؤاكلتها وتقبيلها فجائز بلا إشكال.


(١) أي: الاستمتاع فيما دون الإزار.