قوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم}
  وقال زفر، والقاضي محمد بن حمزة(١): لا عدة عليها؛ لأن الأولى قد بطلت بالنكاح الثاني، ثم طلق قبل الدخول.
  قال القاضي(٢): هذا إذا كانت قد حاضت حيضة بعد الطلاق، ثم عقد بها، وقد يقوي هذا القول؛ لأن الرجعة إذا أبطلت العدة فالعقد يبطلها(٣)، أما لو طلق ثانيا في أثناء العدة، وقلنا: إن الطلاق يتبع الطلاق قال أبو جعفر: فإنها تبنى عند السادة وأبي حنيفة، وأحد قولي الشافعي، وتستأنف في قوله الآخر.
  فلو خالع ثم عقد في العدة، ووطئ ثم طلق، فعن مالك روايتان يتداخلان؛ لأن براءة الرحم تحصل بذلك، ولا يتداخلان؛ لأنها كالعبادة، فتعدد بتعدد
(١) هو محمد بن حمزة بن أبي النجم الهدوي، الزيدي، الصعدي، العلامة، أخذ عن القاضي جعفر بن أحمد وغيره، وتولى القضاء بصعدة للإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة، ومن مؤلفاته درر الأحاديث النبوية في الأسانيد اليحيوية، جمع فيه أحاديث الأحكام للهادي، وبوب أبوابا، ولم يجد لأن الأصل في الفقه، ولم يورد الأحاديث بألفاظها في الغالب، وهذا بوب الكتاب على وضع كتب الحديث، ورواها رواية اللفظ، وأكثرها بالمعنى، وكان القاضي محمد مطرفيا، فرجع على يد القاضي جعفر، وله كتاب الناسخ والمنسوخ، كتاب لطيف مشهور، توفي ¦ في السنة التي ادعى فيها الإمام أحمد بن الحسين، ومات فيها الشيخ ابن الحاجب ..
(٢) هو ابن أبي النجم، المذكور سابقا.
(٣) ولكن الفارق موجود، وهو أن الرجعة إذا أبطلتها لأنها في الطلاق الرجعي في حكم الزوجة، فلذلك استأنفت عدة أخرى، ولا كذلك في الثاني، فإن العقد وإن صيرها زوجة لكنه إذا طلقها قبل الدخول انكشف أن عدة الطلاق الأول لم تنقطع، وإلا لزم أن يعقد عليها في الوقت الذي طلقها فيه، ثم يطلق فتبطل عدتها، وذلك خلاف النص.