قوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم}
  أما لو كانت المطلقة مجنونة، فقد قال في التفريعات: عدتها بالأشهر(١)، ويمكن أن يدرك ذلك من قوله تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ} فهذا خطاب لمن هو مكلف، قال في النهاية: والمسترابة التي تجد حسا في بطنها يظن أنه حمل، تمكث أكثر مدة الحمل.
  الفرع الخامس
  إذا طلق زوجته ثم رجعت إليه في العدة باسترجاعه بالقول، ثم طلق قبل دخوله، فقال أبو العباس، والقاضي زيد للمذهب، وهو قول أبي حنيفة، وأحد قولي الشافعي، ومروي عن علي #: إنها تستأنف العدة؛ لأن الرجعة أبطلت حكم الطلاق فصار كما لو طلق ابتداء، فيدخل هذا في عموم قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}.
  وقال مالك، وأحد قولي الشافعي: تبني على العدة الأولى.
  وقال داود: لا عدة عليها؛ لأن الرجعة أبطلت العدة، والطلاق الثاني قبل الدخول، وأبطل ذلك بأنه يؤدي إلى اختلاط الأنساب، قال في النهاية: كل رجعة تبطل العدة عند مالك.
  أما لو كان الطلاق بائنا، وعادت إليه بعقد، ثم طلق قبل الدخول فإنه لا عدة للنكاح الآخر؛ لأنه قبل الدخول، وعدة الطلاق الأول باقية، فتبني، ذكر ذلك ابن أبي الفوارس، وأبو جعفر، وهو قول مالك، والشافعي.
  وقال أبو حنيفة: تستأنف العدة؛ لأن العقد أبطلها، وكأن الطلاق لم يكن.
(١) المذهب أن اعتدادها بالحيض.