قوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم}
  وقال فريق آخر من الصحابة، والأئمة $، والفقهاء: إن المراد الأطهار، فمن الصحابة: زيد بن ثابت، وابن عمر، وعائشة، ومن الأئمة: الصادق، والباقر، ومن الفقهاء: مالك، والشافعي.
  ومنشأ الخلاف أن القرء من أسماء الأضداد، يطلق للحيض والطهر، لكن المذهب أنه حقيقة في الحيض، مجاز في الطهر، وبعض أصحاب الشافعي عكس، والأكثر منهم أنه مشترك(١) وقد ورد في كلام العرب للحيض، قال الشاعر:
  يا رب ذي ضغن وضب(٢) ... له قروء كقروء الحائض
  وجاء للطهر أيضا، قال الشاعر: وهو الأعشى:
  أفي كل عام أنت جاشم غزوة ... تشد لأقصاها عزيم عرائكا
  مورّثة مالا وفي الحي رفعة ... لما ضاع فيها من قروء
  يريد بالقروء هنا الأطهار؛ لأنه خرج إلى الغزو، وأضاع أطهار النساء.
  وفي الحديث عنه ÷ أنه قال لعائشة «دعي الصلاة أيام أقرائك» يريد: أيام حيضك
  قلنا: الدليل أن المراد بالقروء في الآية هي الحيض - أنه قد ورد عنه ÷ هذا التفسير، وعنه ÷ «طلاق الأمة تطليقتان، وعدتها حيضتان» ولأنه استعمال للاسم في حقيقته، وحقيقته عندنا الحيض؛ ولأنه قول الأكثر من الصحابة.
  حكى في النهاية قال: حكى الشعبي أنه قول أحد عشر أو اثني عشر من أصحاب رسول الله ÷، ولأنه يعضد بالقياس، بأن يقال: قد وجدنا
(١) وهذا هو المختار عند أهل الأصول، وفي البحر في العدة مثل كلام الفقيه يوسف أنه حقيقة في الحيض مجاز في الطهر.
(٢) ضب، أي: حقد. قارض: أي: قاطع.