تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {إن كن يؤمن بالله}

صفحة 27 - الجزء 2

  يجب الإشهاد، بل يستحب، وإنما يجب لعموم قوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ} وهذا مذهبنا، وأبي حنيفة، وأحد قولي الشافعي.

  وأحد قوليه: يجب الإشهاد، محتجا بقوله تعالى في سورة الطلاق: {فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}⁣[الطلاق: ٢] وهذا أمر، والأمر على الوجوب.

  قلنا: الواو لا توجب التعقيب، فإذا جاز تراخي الإشهاد ثبت أنه غير واجب، إذ لو وجب وجب الاقتران كالنكاح، ثم إن الأمر بالإشهاد ورد عقيب الفراق لا عقيب الرجعة، ولما كان القياس على سائر العقود يوجب عدم الإشهاد، كان القياس معارضا لظاهر الأمر، فحمل على الندب.

  ويتعلق بهذا الحكم فروع

  الأول: في حكم الرجعة، فإن كان الطلاق للسنة، فهي مباحة، ولعل أقسام النكاح تأتي هنا، وإن طلقها وهي حائض فمذهبنا، وأبي حنيفة، والشافعي أنها مستحبة، غير واجبة، وإنما لم تجب لقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ} وما كان حقا للإنسان لم يجب عليه.

  وقال مالك: تجب لقوله ÷ لعمر حين طلق ابنه عبد الله زوجته وهي حائض: «مره فليراجعها» وهذه مسألة أصولية هل الأمر بالأمر يدل على الوجوب على المأمور أم لا⁣(⁣١)؟ ذهب الأكثر إلى أنه لا يدل؛ لقوله ÷: «مروهم لسبع» فإن ذلك لا يدل على الوجوب على الصبيان.


(١) ويمكن أن يقال: أما في مثل هذه المسألة فالكل متفقون على أن الأمر بالأمر بالشيء أمر به؛ لأنه مثل أن يأمر الملك وزيره بأمر ليلقيه إلى من دونه، ولا شك أن من دون الوزير مأمورون؛ لأن الوزير مبلغ عن الملك، وإلا لزم أن لا تكون الأمة مأمورة بما أمر به رسوله أن يبلغه إليها؛ لأن الأمر بالأمر بالشيء ليس أمرا به، وهو باطل اتفاقا، وعمر مبلغ عن رسول الله ÷ إلى ابنه عبد الله، على أن الحديث مصرح بالأمر لعبد الله، بقوله: (مره فليراجعها) فليس من مسألة الأمر بالأمر بالشيء في شيء من ذلك. (ح / ص).