وقوله تعالى: {فإن خفتم}
  المعنى
  قوله تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ} هذا خطاب للأزواج، وقوله: {مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَ} يعني: من المهور وغيرها، نهوا أن يأخذوا شيئا مما آتوهن عوضا عن الطلاق، ثم استثنى حال الخوف {إِلَّا أَنْ يَخافا} معناه: يعلمان، وقد يعبر عن العلم بالخوف، قال أبو محجن الثقفي(١):
  ولا تدفنني في الفلاة فإنني ... أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها
  أي: أعلم.
  وفي قراءة أبي: (إلا أن يظنا) والظن بمعنى العلم، وعليه قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ}[البقرة: ٤٦].
  وقيل: المراد بالخوف الظن، ومنه قولهم: أخاف أن يكون ذلك. معناه: أظن
  والقراءة الظاهرة {إِلَّا أَنْ يَخافا} يفتح الياء، وقرأ حمزة (يُخَافَا) بضم الياء، فجعل الخوف لغيرهما(٢)، وهي من السبع.
  وفي قراءة عبد الله (إلا أن يخافوا) وهي وقراءة أبي من الآحاد.
  وقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ} خطاب للأئمة $، والحكام، وقد قال الزمخشري: مثل ذلك غير عزيز في القرآن، قال: ويجوز أن يكون الخطاب في قوله تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ} للأئمة والحكام.
  وقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ} لهم أيضا، وإضافة الأخذ إليهم؛ لأنهم الذين يأمرون بالأخذ والإيتاء، عند الترافع إليهم، فكأنهم الآخذون والمؤتون.
(١) هذا البيت هو أحمق بيت قالته العرب، وقبله:
إذا مت فادفني إلى جنب كرمة ... تروي عظامي بعد موتي عروقها
(٢) بإبدال {أَلَّا يُقِيما} من ألف الضمير، وهو من بدل الاشتمال، كقولك: خيف زيد تركه إقامة حدود الله. وانظر الكشاف.