وقوله تعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين}
  لأنه تعالى أطلق رفع الجناح(١).
  وقراءة حمزة، والكسائي (تماسوهن) بألف على المفاعلة، ومثل ذلك {وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[المجادلة: ٣]
  وقراءة نافع، وأكثر القراء {تَمَسُّوهُنَ} بغير ألف؛ لأن الفعل للزوج، وقد يعلل بأنه لا بدعة قبل الدخول، وذلك لعدم الألفة، فلا يحصل معه ندم.
  الحكم الثالث
  لزوم المتعة، وقد دلت الآية على وجوبها من وجوه:
  الأول: ظاهر الأمر في قوله: {وَمَتِّعُوهُنَ}.
  الثاني: لفظة {عَلَى} فإنها للوجوب.
  الثالث: أنه تعالى جعلها على قدر اليسار والإعسار، فجعلها على حد النفقة، وهي واجبة، وقال شريح، ومالك: إنها مستحبة غير واجبة، وهو قول ابن أبي ليلى، والليث، وحملوا الأمر على الاستحباب، لقوله تعالى في آخر الآية: {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} أي: على المتفضلين المجملين، وما كان من باب الإجمال والإحسان فليس بواجب، قلنا: ما ثبت أنه حق ثبت وجوبه، وما ثبت وجوبه على المحسن والمتقي وجب على غيره.
  وهو يتحصل في المتعة أقوال سنبينها، وفيها آيات.
  الأولى: هذه الآية، وهي في من طلق قبل الدخول، ولم يفرض لها شيئا، فقد قال الله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ}.
(١) وسيأتي في سورة الطلاق ما هو أبسط من هذا.