وقوله تعالى: {أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح}
  الحكم الثالث
  يتعلق بقوله تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} أنه يستحب استطابة النفوس في المعاملات بإسقاط بعض ما يجب، لأن ذلك أبعد من الظلم، وأقرب إلى تأدية ما يجب، وأقرب إلى نيل الأجر.
  والقراءة الظاهرة: {وَأَنْ تَعْفُوا} بالتاء خطاب للنساء والرجال، ولكن غلب المذكر، وقراءة الشعبي (وأن يعفوا) ورده إلى {الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ}، وقوله تعالى: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} بمعنى: لا تتركوا؛ لأن النسيان فعل الله، فهو لا ينهى عنه، وقد يكون سببه من فعل العبد(١)، قال تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ}[طه: ١١٥] ومن فعل الشيطان، قال تعالى: {قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ}[الكهف: ٦٣].
  وفي قراءة علي # (ولا تناسوا) بألف من المفاعلة، قال في الكشاف: عن جبير بن مطعم أنه تزوج امرأة وطلقها قبل أن يدخل بها فأكمل لها الصداق، وقال: أنا أحق بالعفو، وعنه: أنه دخل على سعد بن أبي وقاص، وعرض عليه بنتا له فتزوجها، فلما خرج طلقها، وبعث إليها بالصداق كاملا، فقيل له في ذلك، فقال: كرهت أن أرده، فقيل: لم أكملت الصداق؟ فقال: فأين الفضل
  تكملة لهذه الأحكام
  وهي أن المرأة لو وهبت لزوجها ما فرض لها، ثم طلق قبل
(١) وفي نسخة (وقد يكون سببه من فعل الشيطان، قال الله تعالى حكاية عن يوشع {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ} ومن فعل العبد كما في قوله: {وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ}.