تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسئلون الناس إلحافا}

صفحة 121 - الجزء 2

  ملكها من وجه محظور، كهدية العمال، وإن كان الذي يسلم لأجله مباحا، فهذا يحتمل أن يقال: هو كالأجرة في الأجارات الفاسدة.

  قوله تعالى: {لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً}⁣[البقرة: ٢٧٣]

  قيل: نزلت في فقراء المهاجرين لم يكن لهم مسكن، ولا عشائر في المدينة، كانوا يلزمون المسجد، ويتعلمون القرآن، ويصومون، ويخرجون في كل سرية، وهم أصحاب الصفة⁣(⁣١).

  والتقدير: اجعلوا صدقاتكم للفقراء، أو يكون خبرا لمبتدأ محذوف تقديره: صدقاتكم للفقراء.

  وقوله تعالى: {أُحْصِرُوا} أي: منعهم الجهاد من الضرب في الأرض للتكسب.

  ثمرة هذه الآية: الحث على اختيار المصرف، وأنه ينظر في وجوه الخير، من شدة الفقر، والاشتغال بالطاعة، والعجز عن التصرف، والتعفف عن السؤال، وظهور سيماء الخير، فهذه خصال مرجحة، ومزايا⁣(⁣٢) يتفاوت بها الفضل في الثواب.

  وقوله تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} أي:


(١) أصحاب الصفة: قال في الكشاف: (وقيل هم أصحاب الصفة، وهم نحو من أربعمائة رجل من مهاجري قريش لم يكن له مساكن في المدينة ولا عشائر، فكانوا في صفة المسجد - وهي سقيفته - يتعلمون القرآن بالليل، ويرضخون النوى بالنهار. وكانوا يخرجون في كل سرية بعثها رسول الله ÷، فمن كان عنده فضل أتاهم به إذا أمسى).

(٢) في نسخة (ومراتب)