تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}

صفحة 125 - الجزء 2

  واختلف في الخبط المضاف إلى الشيطان فقال أبو علي: هذا تمثيل بحال من تغلب عليه السوداء فتضعف نفسه، ويلح عليه الشيطان بالإغواء، فيقع صرعه في تلك الحال من الله تعالى، أو من فعل المصروع، ونسب إلى الشيطان مجازا؛ لأن الصرع يحصل عند وسوسته.

  وقال الزمخشري: تخبط الشيطان من زعمات العرب، والخبط: +

  +الضرب على غير استواء، فورد على ما كانوا يعتقدون، قال: ومن زعماتهم أن الجن تمسه فيختلط عقله، قال: ولهم في الجن قصص وعجائب، إنكار ذلك عندهم كإنكار المشاهدات.

  وقال أبو بكر الإخشيد، وأبو الهذيل⁣(⁣١): يجوز أن يكون الصرع من فعل الشيطان، بأن يمكنه الله تعالى من ذلك في بعض الناس دون بعض، قالا: لأنه ظاهر القرآن، ولا مانع في العقل منه، وصحح الحاكم الأول.

  قال: لأنه لا يقدر على غير الوسوسة، ولذلك حكى الله تعالى عنه: {وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي}⁣[إبراهيم: ٢٢] ولو قدر على ذلك تخبط جميع المؤمنين مع شدة عداوته لهم، ولكان يقدر على اغتصاب أموالهم، وفساد أحوالهم، وإفشاء أسرارهم، وإفساد عقولهم، ولكانوا يزيلون عقول العلماء والأولياء، وهذا ظاهر الفساد، على أن المروي أن فيهم من الضعف ما لا يقدرون على شيء من ذلك.


(١) محمد بن الهذيل بن عبد الله بن مكحول البغدادي، أبو الهذيل العلاف شيخ البصرة، من المعتزلة، سمي بالعلاف لأن داره بالبصرة عند سوق العلف، ولد سنة ١٣١ هـ أخذ الكلام عن حميد الطويل، وعثمان عن واصل، وروى الحديث عن محمد بن طلحة، وأخذ عنه الكلام أبو يعقوب الشحام، وليس بذاك في الرواية، قال ابن خلكان: له مجالس ومناظرات، وهو من موالي عبد القيس، حسن الجدل، قوي الحجة، كثير الاستعمال للأدلة الالتزامية، قال الحاكم: أسلم على يده سبعة آلاف نفس، توفي بسر من رأى سنة ٢٣٥ هـ على الأصح، وقيل غير ذلك.