تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل}

صفحة 137 - الجزء 2

  لعلمه به، وهذه عادة كثير من المتداعيين عند الحكام، أو يقر مع حضور الشهود، وشهادتهم فهل إقراره يؤثر في بطلان الشهادة، فيكون الحكم بالإقرار؟ أو لا يؤثر فيكون الحكم بالشهادة والإقرار؟ ولعل هذا - والله أعلم - كما ذكروا في الحدود، وأن الشهادة إذا تمت فأقر المدعى عليه فإنه يحد عند الشافعي، وذلك لأن الإقرار معاضد، فإذا كان يحد عند عدم المعارضة، فعند المعاضدة أولى، ولكن أصل الشافعي أنه يكفي الإقرار مرة واحدة.

  وقال أبو حنيفة: إن الشهادة تبطل مع الإقرار⁣(⁣١)، فيكون الحكم هنا بالإقرار، وقد ذكره المنصور بالله، وأبو جعفر للهادي، وللناصر، أما لو فرضنا أن إقراره لا يحكم به، كأن يكون محجورا عليه صحت الشهادة؛ لأنها تشهد على غيره، فلو أن المدعى عليه أجاب المدعي بقوله: ثبّت دعواك، فهذا ليس بجواب، وقد يعتاد الجواب بذلك في بعض النواحي، ويجعل بمثابة قوله: لا أعلم.

  وقوله تعالى: {فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} دل هذا على أن إقرار السفيه والضعيف لا يعمل به، ودل على أن ولي هؤلاء الثلاثة يعمل بإقراره، وأن الشهادة عليه تصح، هذا إن جعلنا الضمير في وليه يرجع إلى الثلاثة المذكورين، وهم السفيه، والضعيف، وغير المستطيع، وهذا هو الظاهر، وهو مروي عن الضحاك، وابن زيد، وذكره عن أبي العباس في الشرح⁣(⁣٢).


(١) أي: لا يستند الحكم إليها، بل إلى الإقرار، وإلا فهو في الحقيقة مؤكد للشهادة فليتأمل.

(٢) هو شرح القاضي زيد، وقد سبق التنويه أن كلما ورد الشرح، فالمراد به شرح القاضي زيد.