قوله تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير}
  الخلطة والمباطنة بالأمر ما ليس بخاف؟ فجواب ذلك: أن المراد موالاتهم في أمر الدين، أو ما فيه تعظيم لهم.
  فإن قيل: في سبب نزول هذه الآية أنه ÷ منع عبادة بن الصامت عن الاستعانة باليهود على قريش، وقد حالف رسول الله ÷ اليهود على حرب قريش، وفي هذا دلالة على جواز الاستعانة بهم، وقد ذكر المنصور بالله أنه يجوز الاستعانة بالفساق على حرب المبطلين، قال: وقد حالف رسول الله ÷ اليهود على حرب قريش وغيرها، إلى أن نقضوه يوم الأحزاب، وجدد ÷ الحلف بينه وبين خزاعة، قال المنصور بالله: وهو ظاهر عن آبائنا $، وقد استعان علي # بقتلة عثمان على الخوارج؟
  فلعل الجواب - والله أعلم - أن الاستعانة جائزة مع الحاجة إليها، ويحمل على هذا استعانة الرسول ÷ بالمحالفة لليهود، وممنوعة مع عدم الحاجة، أو خشية مضرة منهم، وعليه يحمل حديث عبادة بن الصامت، فصارت الموالاة المحظورة تكون بالمعاداة بالقلب للمؤمنين، والمودة للكفار لكفرهم، ولا لبس في تحريم ذلك، ولا يدخله استثناء.
  وتطلق على المحالفة والمناصرة، والمصادقة بإظهار الأسرار، ونحو ذلك، فلا لبس في تحريم ذلك، ولا يدخله استثناء.
  و [أما] الموالاة بإظهار التعظيم، وحسن المخاللة والمشاورة فيما لا يضر المسلمين، فظاهر كلام الزمخشري أنه لا يجوز إلا للتقي(١) وكذا غير الزمخشري، فحصل من هذا أن الموالي للكافر والفاسق عاص، ولكن أين تبلغ معصيته، هذا يحتاج إلى تفصيل -:
(١) وكذا لغيرها من قرابة، أو خصال خير فيه، كما ذكره أصحابنا في موضعه. (ح / ص).