قوله تعالى: {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين}
  معشر النصارى أن محمدا نبي مرسل، والله ما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم، ولا نبت صغيرهم، ولئن فعلتم لتهلكن، فإن أبيتم إلا الإقامة على دينكم فوادعوا الرجل.
  ولما رآهم أسقف نجران قال: يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا لأزاله بها، فلا تباهلوا فتهلكوا، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة، فصالحوا على أن يؤدوا كل عام ألفي حلة، ألفا في صفر، وألفا في رجب، وثلاثين درعا عادية(١)، هذه حكاية الكشاف.
  وحكى في التقرير أنه ÷ صالحهم على مائتي أوقية من الفضة، وعشرين أوقية من الذهب(٢)، ومائتي حلة، كل حلة ثوبان، قيمة كل ثوب عشرون درهما، وعارية ثلاثين فرسا، وثلاثين درعا، وثلاثين بعيرا، إلى والي اليمن، ونزل(٣) الرسل إلى اليمن عشرين يوما.
  قال: ولما ضعفوا صالحهم الهادي # على التسع فيما على المسلمين فيه العشر، ونصف التسع فيما على المسلمين فيه نصف العشر.
  وهو يؤخذ أحكام: منها: من جادل وأنكر شيئا من الشريعة جازت مباهلته، والمباهلة: الملاعنة، وهذا للرسول ÷، وأما لغيره من الأئمة فهل يجوز اقتداء بما أمر به النبي ÷، أو يكون ذلك خاصا بالنبي ÷؛ لأنهم لو باهلوا هلكوا؛ لأن النبي ÷ قال (والذي نفس محمد بيده إن الهلاك قد تدلى على آل نجران، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير،
(١) قوله: (عادية) العرب تنسب كل شيء قديم إلى عاد، فيقولون: عادي. شمس العلوم.
(٢) المراد بالأوقية هاهنا هي الأوقية الإسلامية، وهي أربعون قفلة إسلامية، وأوقية الذهب اثنان وأربعون مثقالا. تعليق لمع.
(٣) أي: إضافتهم، تزويدهم إن سافروا، وإطعامهم إن أقاموا.