وقوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت}
  ومالك أنه غير مستطيع، فلا يجب عليه الإيصاء، إلا أن تكامل له الشرائط، قبل ذلك عند الأئمة $.
  وقال أبو حنيفة، وأصحابه، والشافعي، والثوري، وعبد الله بن المبارك، وأحمد، وإسحاق، وهو مروي عن علي #: يجب عليه ذلك، حكى كلام هؤلاء في الثعلبي، وقد تضمنت الآية تأكيد وجوب الحج من وجوه خمسة:
  الأول: قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} يعني: أنه حق واجب له.
  الثاني: أنه أبدل من الناس قوله: {مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} وفيه تكرير للمراد، وإيضاح بعد الإبهام.
  الثالث: قوله تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ} مكان (ومن لم يحج) تغليظا على تاركه، ولذلك قال ÷ (من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا) ونحوه من التغليظ (من ترك الصلاة متعمدا كفر).
  الرابع: ذكر الاستغناء عنه، وذلك يدل على المقت.
  الخامس: قوله {عَنِ الْعالَمِينَ} ولم يقل: عنه؛ لأنه يدل على الاستغناء الكامل، فكان أدل على السخط.
  وعن النبي ÷: (حجوا البيت قبل أن لا تحجوا، فإنه قد هدم البيت مرتين، ويرفع في الثالثة).
  وعنه ÷: (حجوا قبل أن لا تحجوا، قبل أن يمنع البر جانبه [والبحر جائبه](١).
(١) وفي نسخة (البر جائبه، والبحر راكبه).