تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت}

صفحة 203 - الجزء 2

  الثالثة: وجوب الحج، ووجوبه معلوم، لكن قوله تعالى: {مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} فسر رسول الله ÷ السبيل بالزاد والراحلة، وألحق بذلك ما في معناه من الأمن والصحة، والمدة التي يبلغ فيها، وهل القوة على المشي تنوب عن الراحلة؟ المذهب، وهو قول أبي حنيفة، والشافعي: أن القوة لا تنوب عن الراحلة؛ لأنه ÷ جعل تفسير الاستطاعة الزاد والراحلة، وإحدى الروايتين عن القاسم، وهو قول مالك، وقول للناصر، والمنصور بالله: أنها تنوب، لقوله تعالى في سورة الحج: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً}⁣[الحج: ٢٧] وقرئ (رجّالا) قيل: مشاة، قلنا: هذا في القريب - والبعيد {عَلى كُلِّ ضامِرٍ} - ويكون ذلك تقسيما.

  وهل الحرفة تقوم مقام الزاد؟ في ذلك تفصيل للعلماء، واختلاف، ووجه التردد هل هي تشبه المال أم لا، وهل الاستطاعة الشرعية كالعقلية، فيكون المحرم شرطا كالزاد؛ لأن المرأة ممنوعة من السفر من غير محرم؟ في ذلك الخلاف⁣(⁣١). وهل هو يصير مستطيعا ببذل الاستطاعة⁣(⁣٢) من الغير؟.

  مذهبنا: أنه لا يكون كذلك لأجل المنّة، وهو قول أبي حنيفة، وأما الشافعي فقال: هو مستطيع على تفصيل في بذل المال، أو أن يحج عنه غيره⁣(⁣٣)، ويخرج العبد من الوجوب؛ لأنه غير مستطيع، وهل المعضوب⁣(⁣٤) الغني مستطيع فيلزمه الحج؟ مذهب الأئمة $،


(١) في نسخة ب (في ذلك خلاف).

(٢) في الأصل (ببذل الاستطاعة) وفي النجري (ببذل المال) وفي كتب الفقه أيضا. والاستطاعة أعم لأنها تشمل بذل الدابة ونحوها.

(٣) وفي نسخة أ (أو أن يحجج عنه).

(٤) وفي نسخة (المغصوب الغني) وفي النجري، وهل الغني المغصوب ماله.