قوله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد}
  نزولها، عن ابن عباس: أن مشركي العرب جاءوا إلى اليهود، وقالوا: ما جاءكم به موسى؟ قالوا: العصا، ويده البيضاء، فأتوا النصارى، وقالوا: ما جاءكم به عيسى؟ فقالوا: كان يبرئ الأكمه والأبرص، ويحي الموتى. فأتوا النبي ÷ وقالوا: ادع لنا ربك يجعل الصفا ذهبا، فأنزل الله تعالى هذه الآية {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ}.
  وعن عائشة أن النبي ÷ قام بالليل يصلي، فأصبح وهو يبكي، فقال بلال: أليس قد غفر الله لك؟ فقال: أفلا أكون عبدا شكورا، ثم قال: ما لي لا أبكي، وقد نزل علي في هذه الليلة: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ} ثم قال: ويل لمن قرأها ثم لم يتفكر فيها.
  وروي: (ويل لمن لاكها بين فكيه، ولم يتأملها).
  وعن علي # أنه ÷ كان إذا قام من الليل يتسوك، ثم ينظر إلى السماء، ثم يقول: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ}.
  وحكي أن الرجل من بني إسرائيل، كان إذا عبد الله تعالى ثلاثين سنة أظلته سحابة، فعبدها(١) فتى من فتيانهم، فلم تظله، فقالت له أمه: لعل فرطة منك في مدتك؟ قال: ما أذكر، قالت: لعلك نظرت مرة إلى السماء فلم تعتبر. قال: لعل، قالت: فما أتيت إلا من ذلك.
  الثانية: تتعلق بقوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ}.
  اختلف ما المراد بالذكر، فقيل: ذكر الله عموما، ويعني في جميع الأحوال، وروي أنه كان ÷ لا يمنعه من قراءة القرآن شيء، وكان يضع رأسه في حجر عائشة، وهي حائض، وهو يقرأ القرآن.
(١) يعني: الثلاثين السنة، أي: عبد الله مدة الثلاثين السنة.