قوله تعالى: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا}
  الموصي لسره أن يوصي لهم، فنهوا عن ذلك، وهذا قول مقسم(١)، وأبي مالك الحضرمي.
  ومنهم من قال: هو خطاب لولاة الأيتام أن يقولوا خيرا، ويفعلوا خيرا، وليأت إلى اليتيم ما يحب أن يفعل لذريته من بعده.
  فالمعنى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ} صفتهم أنهم لو شارفوا الموت ولهم ذرية ضعفاء(٢)، خافوا عليهم، فليتقوا الله عن ضرار الورثة(٣)، أو منع الميت من الوصية(٤) بماله أن يوصي به، أو أن يغلظوا على الأيتام(٥)، وجعل الورثة الذين يذهب حافظهم وكافلهم ضعافا، فشبّهوا بناقص القوة، وإن حمل على ضعف القوة لصغرهم صح، وقد جاء على الأول قول القائل(٦):
  لقد زاد الحياة إلى حبا ... بناتي إنهن من الضعاف
  أحاذر أن يرين البؤس بعدي ... وأن يشربن رنقا بعد صاف
  الرنق: الماء الكدر.
(١) هو مقسم - بكسر الميم، وسكون القاف، وفتح السين - ابن بجرة، مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل، وإنما قيل له: مولى ابن عباس للزومه له، وهو تابعي ثقة.
(٢) وفي ب (ضعاف).
(٣) هذا على الوجه الأول.
(٤) هذا على الوجه الثاني.
(٥) هذا على الوجه الثالث.
(٦) القائل: هو أبو خالد الخارجي، لامه قطري بن الفجاءة، عن التخلف عن الحرب، فاعتذر بذلك، وقيل: لمحمد بن عبد الله الأزدي، وقيل: لعمران بن حطان. انظر حاشية الكشاف. وذكر ابن أبي الحديد أنه لأبي خالد الخارجي، وبعد البيتين:
وإن تعرين إن كسي الجواري ... فتنبو العين عن كوم عجاف
ولو لا ذاك قد سومت مهري ... وفي الرحمن للضعفاء كاف