وقوله تعالى: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة}
  الرضاعة، والأخت من الرضاعة، وفي ذلك تنبيه على تحريم سواهما من الرضاعة مما يحرم من النسب؛ لأنها إذا صارت أما بالرضاع وأختا كذلك تصير خالة، وعمة، وبنتا، وقد صرحت السنة بذلك، فقال ÷: «يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب»(١) وقد تستثنى أخت الابن، وأم الأخ، وعمة الابن، وجدة الابن، فيقال: هؤلاء يحرمن من النسب لا من الرضاع، وقيل: لا حاجة إلى استثناء هؤلاء(٢) لأن أخت الابن حرمت من النسب لأنها ربيبته، وعمته لكونها أخت أبيه، وجدته لكونها أم امرأته، وأم الأخ لكونها امرأة أبيه، ولم توجد هذه العلة في الرضاع، ولهذا في المدعي بين جماعة يجوز لأحد آبائه زواجة أخت ابنه هذا، وعمته، وجدته، بالإضافة إلى الأب الآخر، ولكنه يتعلق بهذا فروع:
  الأول: في قدر اللبن الموجب للتحريم، وفي ذلك أقوال:
  الأول: أنه يحرم قليله وكثيره إذا وصل الجوف؛ لأنه يطلق عليه اسم الرضاع فدخل في إطلاق الآية، وهذا قد ذهب إليه طوائف من الصحابة والتابعين والأئمة والفقهاء، فمن الصحابة علي # وابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، رواه عن علي وابن مسعود في (النهاية)(٣).
(١) أخرجه مسلم في صحيحه (٢/ ١٠٦٨)، ومالك (٢/ ٦٠١) كتاب الرضاع، باب رضاعة الصغير حديث (١)، والبخاري (٥/ ٣٠٠) كتاب الشهادات (ح ٢٦٤٤)، ومسلم (٢/ ١٠٦٨) كتاب الرضاع حديث (١٤٤٤) الناعي (٦/ ١٠٢ - ١٠٣) كتاب النكاح والدارمي (٢/ ١٥٥ - ١٥٦) وعبد الرزاق (٧/ ٤٧٦) رقم (١٣٩٥) وأحمد (٦/ ١٧٨)، وابن الجارود (٦٧٨)، وأبو يعلى (٧/ ٣٣٨) رقم (٤٣٧٤)، البيهقي (٧/ ١٥٩) وللحديث مصادر عديدة احتج به معظم من صنف في التفسير منهم: الثعلبي (٢/ ٢٠١) وغيره.
(٢) قيل: إنما يصح الاحتراز من واحدة، وهي أم الأخ من الرضاع؛ فإنها لا تحل من النسب بحال؛ لأنها أم، أو امرأة أب، وما عداها فقد تحل من النسب في المدعى، ومع أحد الأبوين في بعض الصور. (ح / ص).
(٣) زاد المسير (٢/ ٦ - ٤٧)، القرطبي (٥/ ١٠٩ - ١١٢).