قوله تعالى: {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما}
  وقراءة الأكثر {وَالْمُحْصَناتُ} بفتح الصاد في هذا وفي غيره، وقراءة الكسائي هنا بالفتح، وفي غيره بكسر الصاد، وقراءة علقمة هاهنا بكسر الصاد، وهو مروي عن طلحة بن مصّرف، فمن نصب فمعناه: ذوات الأزواج، ومن كسر فمعناه: العفائف والحرائر(١)، وأصل الإحصان: المنع، ومنه سمي الحصن لمنعه، فلما منعن أنفسهن من الفجور بالعفاف، أو منعهن أزواجهن سمين بذلك.
  والإحصان على أربعة أوجه:
  التزوج، ومنه {وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ} على القول الظاهر(٢).
  الثاني: الإسلام ومنه {فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[النساء: ٢٥]
  الثالث: العفة، ومنه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ}[النور: ٤].
  الرابع: الحرية(٣)، ومنه: {وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ}[المائدة: ٥].
  وهذه الآية الكريمة يتعلق بها أحكام:
  الأول: متعلق بقوله تعالى: {وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ} وهذا عطف على قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ} والتقدير: وحرمت عليكم المحصنات.
(١) ويكون حقيقة في الوطء (خاشية النسخة (ب).
(٢) أي: الذي لا يمكن حمله إلا على المجاز فقط.
(٣) وقد أهمل شرطا خامسا، وهو البلوغ. وسيأتي له هذا الشرط وهو أن الإحصان البلوغ في تفسير قوله تعالى: {فَإِذا أُحْصِنَ}.