قوله تعالى: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما}
  وأما فاعل السبب فأوجب الشافعي عليه الكفارة؛ لأنه قاتل فدخل في العموم.
  وأما مذهبنا فظاهر إطلاقهم أنه لا كفارة على فاعل السبب مطلقا، كحافر بئر في الطريق، وراش(١) وقائد وسائق، وهذا قول (أبي حنيفة)؛ لأنا وجدنا الدية تسقط عنه في حال، وهو إذا فعل هذا السبب في ملكه، وكما لا يلزم العاقلة والكفيل بالدية.
  قال في (شرح الإبانة): وكذا من شهد بالقتل خطأ، والتعليل خفي(٢).
  وأما ما يتعلق بالمقتول فقد قيدت الآية بالإيمان وبالخطأ، وعمومها سواء قتل حرا أو عبدا ذكرا أو أنثى، وسواء قتل عبد نفسه أو عبد غيره.
  وقد قال في شرح الإبانة: تجب الكفارة إن قتل عبد نفسه، ولو سقطت الدية عند أصحابنا والفريقين، وعند مالك سقوط الكفارة.
  وأما لو كان ذميا فمذهبنا والفريقين لزوم الكفارة لقوله تعالى: {وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} والظاهر أن المراد إن كان المقتول من قوم بينكم وبينهم ميثاق، والمعنى وهو منهم في الدين، وهذا ظاهر الآية، وهو مروي عن ابن عباس، والزهري، والشعبي، وقتادة، وعامة الأئمة والفقهاء، وقيل:
(١) الذي يعمل الأرشية في البئر.
(٢) يجب في المباشرة وما في حكمها، فالمباشرة ظاهرة، وما في حكمها سوق الدابة، وقودها، وكذا الشهود إذا رجعوا، وكذا ركوب الدابة، ذكره في الغيث، فالشهود إذا رجعوا لأنهم لو اعترفوا بالعمد لزمهم القود؛ لأنهم ملجئون للحاكم ذكر معناه في الكواكب، والقاضي عبد الله في الديباج. (ح / ص).