تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {لمن ألقى إليكم السلام}

صفحة 454 - الجزء 2

  الإسلام، لا يكذب، بل يقبل منه، ويدخل في هذا الملحد والمنافق، وهذا هو مذهبنا والأكثر، وقد تقدم طرف من ذلك⁣(⁣١)، فيدخل في هذا قبول توبة المرتد خلافا لأحمد، وقبول توبة الزنديق، وهذا قول عامة الأئمة، وأبي حنيفة، ومحمد، والشافعي.

  وقال مالك، وأبو يوسف: لا تقبل؛ لأن هذا عين مذهبهم، أنهم يظهرون خلاف ما يبطنون.

  وقال المنصور بالله، والإمام يحيى: إن أظهروا ما يعتادون إخفائه قبلت توبتهم، وإلا فلا.

  قال علي خليل: تقبل توبتهم، ولو عرفنا من باطنهم خلاف ما أظهروا، كما قبل النبي ÷ من المنافقين، وقد أخبره الله تعالى بكفرهم.

  وقال أبو مضر: تقبل ما لم يعرف كذبهم، وهذا الخلاف في الظاهر، أما عند الله تعالى إذا صدق فهي مقبولة وفاقا.

  قال الحاكم: وتدل على أن التوصل بالسبب المحرم إلى المال لا يجوز، وقد ذكر العلماء صورا في التوصل إلى المباح بالمحظور مختلفة، ذكرت في غير هذا الموضع، والحجة هنا من قوله تعالى: {تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا} لكن الذي قصد هنا أخذه محظور؛ لأن إظهار الإسلام يحقن النفس والمال، فذلك توصل إلى محظور بمحظور⁣(⁣٢).

وقوله تعالى: {لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ}

  قرئ (السلم) وهذه قراءة نافع، وحمزة، وابن عامر، بغير ألف وهو الاستسلام، وقيل: إظهار الإسلام، وقرأ الباقون {السَّلامَ} بألف وهو: التحية.


(١) في تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ}.

(٢) فيسقط الاحتجاج.