وقوله تعالى: {توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم}
  يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} قيل: وتستحب بعد الفتح، والصحيح عدم النسخ.
  وقوله #: «لا هجرة بعد الفتح»(١) معناه من مكة.
  قال جار الله: وهذا يدل أن الرجل إذا كان في بلد لا يتمكن فيه من إقامة أمر دينه كما يجب لبعض الأسباب [والعوائق]، وعلم أنه في غير بلده أقوم بحق الله حقت عليه الهجرة.
  وعن النبي ÷: «من فر بدينه من أرض إلى أرض ولو كان شبرا منالأرض استوجبت له الجنة، وكان رفيق أبيه إبراهيم ونبيه محمد»(٢).
  وروي أن ÷ بعث بهذه الآية إلى مسلمي مكة، فقال جندب بن ضمرة أو ضمرة بن جندب لبنيه: احملوني فإني لست من المستضعفين، وإني لا أهتدي الطريق، والله لا أبيت الليلة بمكة، فحملوه على سرير متوجهين به إلى المدينة وكان شيخا كبيرا فمات بالتنعيم(٣).
  قال في (التهذيب): عن القاسم بن إبراهيم #: إذا ظهر القبيح في دار ولا يمكنه الأمر بالمعروف، فالهجرة واجبة(٤).
  وهذا بناء على أن الدور ثلاث: دار الإسلام، ودار فسق، ودار حرب.
  وهذا التقسيم هو مذهب الهادي، والقاسم، وحكاه بن أبي النجم
(١) أخرجه مسلم عن هائشة، وأحمد في المسند، والترمذي، وغيرهم، كما أورد الهندي في أكثر من موضع من كتابه منتخب كنز العمال (٦/ ٥٩٤، ٥٩٣)، (٤/ ٢٨٨)، (١/ ٦٠٥)، (٥٢٢).
(٢) الكشاف (١/ ٥٥٧)
(٣) الكشاف (٥٥٧)
(٤) ولفظ التهذيب (وعن القاسم بن إبراهيم # (إذا ظهر الفسق في دار، ولا يمكنه الأمر بالمعروف فالهجرة واجبة).