قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون}
  أوجب عليهم خمس صلوات) فجعل الإعلام فرعا بعد الإجابة إلى الإسلام(١).
  الوجه الثاني: أن هذا مخصص بدليل عقلي، وأن القصد بالأمر فعل المأمور به، وهو لا يصح فعله حال كفره، فيكون تكليفا بما لا يطاق، وبعد الإسلام يسقط.
  وأجيب بأنهم مخاطبون بالتوصل إلى شرط العبادة كالصلاة في حق المحدث، ومنهم من فرق بين الواجب والمحظور، فقال: الواجب يحتاج إلى نية القربة، وهي غير متأتية منه، والمحظور ليس إلا الكف، وهو ممكن، وقد قيل: لا ثمرة لهذا الخلاف في الدنيا، إنما ثمرته أخروية، وهي هل يعاقب أم لا؟.
  الحكم الثاني: يتعلق بقوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} أي: خلقكم للتقوى والعبادة(٢)، فهي نظير قوله تعالى في سورة الذاريات: {وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: ٥٦] وقد استدل بهذا على أن من قدر على الحقوق الزوجية، ولم تتق نفسه إلى النكاح، فالمستحب له أن لا ينكح؛ لأنه خلق للطاعة والعبادة، وفي النكاح تحميل لنفسه من الحقوق ما يشغل عن ذلك، وهذا مذهب الشافعي، وقد ورد في الحديث عنه ÷: (خيركم الخفيف الحاذ)(٣) وقيل: وما الخفيف الحاذ يا رسول الله؟ قال: (الذي لا أهل له، ولا ولد خفيف المؤنة).
  وقال الناصر، والمنصور بالله، والحنفية: إنه يستحب لمن هذه
(١) في ح ص (ويمكن أن يقال: إنما جعل الإعلام فرعا على الإجابة لا لكونهم غير مخاطبين، بل لأنهم إذا لم يجيبوا إليه فلا ثمرة للإعلام. والله أعلم.
(٢) لأن الترجي من الله قطع. في كل المواضع.
(٣) الحاذ: الظهر، وحاذ الفرس متنه، وهو موضع اللبد منه، وفي الحديث (مؤمن خفيف الحاذ) أي: خفيف الظهر. (صحاح) والمراد: قليل المال والولد.