قوله تعالى: {فإن الله كان بما تعملون}
  الحكم الثاني
  يتعلق بقوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ} وفي هذا تخفيف ورفع للحرج فيما لا يستطاع من المساواة بين النساء، وقد قيل: هذا في المحبة والشهوة، وقد كان ÷ يقسم بين نسائه ويقول: (هذه قسمتي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك، ولا أملك) يعني المحبة؛ لأنه كان يحب عائشة أكثر من غيرها، وقد فرع المتأخرون بأن قالوا: له حفظ متاعه مع من يأتمن منهما، ويستعمل النفقة مع أكملهما صنعة، فهذا ترخيص، وقيل: إن هذا تشديد في العدل، وبيان أن العدل أمر صعب يتوهم أنه غير مستطاع؛ لأنه تجب القسمة، والتسوية في النفقة، والتعهد، والنظر، والإقبال، والممالحة، والموانسة، وغير ذلك، فهو كالخارج من حد الاستطاعة لمشقته.
  الحكم الثالث
  أنه يجب القسمة، وترك الميل، وإن كان بعضهن محبوبا، وبعضهن منفورا عنه، وذلك لقوله تعالى: {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ} وهي التي ليست بذات بعل ولا مطلقة، وفي قراءة أبيّ (فتذروها كالمسجونة) وهي شاذة.
  وفي الحديث: «من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل».
  قال جار الله: وروي أن عمر بن الخطاب ¥ بعث إلى أزواج الرسول # بمال فقالت عائشة: أإلى كل أزواج رسول الله بعث عمر بمثل هذا؟ قالوا: لا بعث إلى القرشيات بمثل هذا، وإلى غيرهن بغيره، فقالت: كان رسول الله ÷ يعدل فيما بيننا، في ماله ونفسه، فرجع الرسول فأخبره فأتم لهن جميعا.