قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب}
  لكن اختلف المفسرون هل هذا محكم أو منسوخ؟ فقيل: إنه منسوخ بقوله تعالى في سورة التوبة: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة: ٥] وبقوله تعالى فيها: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا}[التوبة: ٢٨] وبقوله: {ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ}[التوبة: ١٧] ويقول هذا القائل: لا نسخ في هذه السورة إلا ما كان في هذه الآية، وقيل: إنها محكمة لأنه لا نسخ في هذه السورة.
  وروي أنه ÷ قرأها في خطبة الوداع، وقال: هي أخر سورة نزلت من القرآن، فأحلوا حلالها وحرموا حرامها، وقد قال الحسن: ليس فيها منسوخ، وعن أبي ميسرة: فيها ثماني عشرة فريضة، وليس فيها منسوخ.
  وقال أبو مسلم: هذا كان في معاهدة الكفارة الذين على عهد رسول الله ÷ فلما نزل العهد لهم بسورة براءة زال ذلك الحظر، ووجب ما قال الله تعالى {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا}.
  وأما الهدى، والقلائد، فقد دلت على أن الهدى لا يستباح، ولا يمنع عن بلوغ محله.
  وأما القلائد فاختلف ما أريد بذلك. فقيل: ما يقلد به الهدي من النعال والصوف، ولحاء الشجر، أو عروة من أدم، أو غير ذلك؛ لأن القربة قد تعلقت بها.
  وفي سنن أبي داود عن علي قال: أمرني رسول الله ÷ أن أقوم على بدنة، وأقسم جلودها وجلالها.
  قال العلماء: دل على أن النسك كان يتعلق بالجلال، فكذا القلائد.
  وعن ابن عباس، وأبي علي: أراد الهدي المقلد، فعبر بالقلائد عنه، لكن يقال: إنه معطوف على الهدي.