تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب}

صفحة 39 - الجزء 3

  قلنا: اسم الشرك يطلق على أهل الكتاب؛ بدليل قوله تعالى بعد ذكر اليهود والنصارى في قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}⁣[التوبة: ٣١] وعن ابن عمر: لا أعلم شركا أعظم من قول النصارى: إن ربها عيسى.

  وعن عطاء: قد كثر الله المسلمات، وإنما رخص الله لهم يومئذ.

  قالوا: إنه تعالى عطف أحدهما على الآخر، فدل أنهما غيران، حيث قال تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ}⁣[البينة: ١].

  قلنا: هذا كقوله تعالى: {الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ}⁣[البقرة: ١٨٠].

  قالوا: الآية مصرحة بالجواز في قوله تعالى: {وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ}.

  قلنا: قوله تعالى في سورة الممتحنة: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا}⁣[الممتحنة: ١٠] وقوله تعالى في سورة النور: {الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ}⁣[النور: ٢٦] وقوله تعالى في سورة النساء: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ}⁣[النساء: ٢٥] فشرط الإيمان في هذا يقضي بالتحريم فتأول هذه الآية بأنه أراد المحصنات من أهل الكتاب الذين قد أسلموا لأنهم كانوا يكرهون ذلك، فسماهم باسم ما كانوا عليه، وقد ورد مثل هذا في كتاب الله تعالى، قال الله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ}⁣[البقرة: ١٢١] وقوله تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ}⁣[البقرة: ١٤٦](⁣١) وقوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ


(١) في الاحتجاج بهذه الآية نظر؛ لأنها نزلت في ذم أهل الكتاب الذين يعرفونه ولا يؤمنون به، يعني: محمدا ÷.