تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين}

صفحة 117 - الجزء 1

  ويكون السجود بمعنى التحية، ويكون بمعنى التعظيم، وقد ذكر في سجود الملائكة لآدم وجوه:

  الأول: أن ذلك على وجه التكرمة والتحية لآدم، والعبادة لله تعالى وحده لا لآدم، وهذا مروي عن كثير من المفسرين، وكان السجود في ذلك الوقت تحيتهم، وامتد ذلك إلى وقت سجود آخوة يوسف، وقيل: كان آدم على معنى القبلة، كما أمرنا بالسجود إلى الكعبة.

  وقيل: السجود هاهنا بمعنى الإمالة، أي: مالوا إلى آدم إكراما له، وكذا إلى يوسف.

  وقيل: العبادة فيه لله تعالى، وإن اقترن به تعظيم الغير، كما نعظم الرسول بفعل ما بلغنا أنه فعله⁣(⁣١).

  وقيل: المراد بالسجود الخضوع والتواضع، لا حقيقة السجود.

  وقيل: المعنى في قوله تعالى: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً}⁣[يوسف: ١٠٠] أي: لله تعالى شكرا على النعمة. فعلى هذا السجود لغير الله تعالى على وجوه:

  الأول: أن يكون على وجه العبادة، فذلك كفر بلا إشكال.

  الثاني: أن يكون على وجه التحية والإكرام، غير معتقد أنه يستحق العبادة قال في شرح الإبانة: لا يكفر عند السادة والفقهاء، وأبي هاشم، والمرشد⁣(⁣٢)، والقاضي، ولكن يكون آثما⁣(⁣٣)، فعلى هذا القول يكون ما ورد في السجود منسوخا إن حمل على حقيقة السجود والناسخ له


(١) لأن في التأسي به ÷ تعظيما له، وهو عبادة مقترنة بتعظيمه ÷.

(٢) لعله يريد أبا عبد الله البصري، فإنه كان يلقب بالمرشد. وينظر.

(٣) وبنى عليه الإمام المهدي # في أزهاره، وشرف الدين في أثماره، وحكاه حميد عنهم في فتحه، وكذا في البحر، حيث لا حامل له على ذلك من إكراه، أو غرض كانفساخ نكاح، ونحو ذلك.